Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 3-10)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء } واقتضته الحكمة { لعذّبهم في الدنيا } بالقتل كما فعل بإخوانهم بني قريظة { ولهم في الآخرة عذاب النار } يعني إن نجوا من الدنيا لم ينجوا من عذاب الآخرة { ذلك بأنهم شاقوا الله } أي خالفوه { ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب } { ما قطعتم من لينة } قيل : أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بقطع نخلهم فقالت اليهود : زعمت يا محمد إنك تريد الصلاح أفمن الصلاح قطع النخل فترك بعضه وقطع بعض ، وقيل : قالوا : دعوه فإنه لمن غلب فتركه من لينة ، قيل : هو من أنواع النخل سمي بذلك للين تمرها { أو تركتموها قائمة على أصولها } فلم تقطعوها { فبإذن الله } فبأمره { وليخزي الفاسقين } قيل : لما خرج بنو النضير من ديارهم سأله المسلمون قيمة أموالهم فنزلت الآية ، وجعل لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يحكم فيه بما شاء ، وقيل : لما فتح رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بني النضير جمع الأنصار واعتدالهم بحسن فعالهم مع المهاجرين ، ثم قال : إن شئتم قسمتم بينكم والمهاجرين في بيوتكم كما كانوا وإن شئتم خصصتم بها المهاجرين وتخرجوا من بيوتكم فنادوا كلهم من كل جانب ان أقسمها بينهم ويكونوا في بيوتنا كما كانوا ، ثم بيَّن تعالى حال أموال بني النضير وحال الفيء وكيفية قسمه فقال سبحانه : { وما أفاء الله على رسوله من أهل القرى } أي مما يرجع إليهم من مال بني النضير { فما أوجفتم } أي ما وضعتم عليه { من خيل ولا ركاب } وهي الإِبل التي ركبتها الرجال يعني لم يكن بقتال ولا بتكليف مشقة ولا مؤنة وإنما صارت للمسلمين بما أوقع الله في قلوبهم من الرعب فخرجوا وتركوا أموالهم ، وقيل : لم يحاربوا ولكن فتحها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صلحاً وأجلاهم { ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير } ثمَّ بيَّن لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما يصنع بما أفاء الله عليه وأمره أن يضعه حيث يضع الخمس من الغنائم مقسوماً على الأقسام الخمسة قال سبحانه : { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فللّه وللرسول } الآية { كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم } أي كيلا يكون الفيء الذي حقه أن يعطى الفقراء بين الأغنياء يتكاثرون به ، أو كيلا يكون دولة جاهلية بينهم ، ومعنى الدولة الجاهلية ، واختلفوا في الآيتين فقيل : المراد بالأولى ما فتح صلحاً وفي الثانية خمس الغنائم عن أبي علي ، وقيل : بل المراد بالأولى الفيء بيَّن في الآية الأولى أن حكم ذلك إلى رسول الله يقسم كما شاء ، ولذلك كان ينفق على نفسه وعياله ووجوه البر والكراع وغير ذلك ، ثم بيَّن في هذه الآية مصرف من تجوز صدقته إليه ومن دفعه إليهم لا يجوز ، والمراد بالآيتين ما فتحه صلحاً وصار فتح المسلمين بغير قتال { فللّه } قيل : جميع الأشياء إليه وذكر اسمه للتبرك ، وقيل : بل السهم المضاف إليه يصرف إلى أعمال البر { وللرسول } فكأن له سهم سقط بموته ، وقيل : بل يصرف إلى الخليفة { ولذي القربى } يعني قرابة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولا خلاف أنهم كان لهم سهم ، فالذي رواه الهادي ( عليه السلام ) يدفع اليهم يستوي فيه الغني والفقير من كان منهم على الحق { للفقراء المهاجرين } يعني الفيء الذي يكون يمنع أن يكون دولة بين الأغنياء إنما هو للفقراء المهاجرين الذين هاجروا إلى المدينة الذين أخرجوا فبقوا في المدينة غرباء فقال : { يبتغون فضلاً من الله } يطلبوا بما فعلوا رضى الله { وينصرون الله } أي دين الله { ورسوله أولئك هم الصادقون } في إيمانهم ثم ثنى بالأنصار فقال : { والذين تبوّءو الدار والإيمان } قيل : فرعوا ديارهم للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقيل : تمكنوا وسكنوا في الدار يعني المدنية لأنهم أسلموا قبل مجيء رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى المدينة فصارت المدينة دار إيمان ودار هجرة وأثبتوا المساجد { من قبلهم } أي من قبل قدوم المهاجرين وأسكنوهم دورهم { يحبّون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا } قيل : لا يجدون في قلوبهم حسداً مما أعطي المهاجرون ، وروي أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قسم أموال بني النضير على المهاجرين ولم يعط الأنصار إلا ثلاثة نفر محتاجين ، وقوله تعالى : { ويؤثرون على أنفسهم } الآية نزلت في الأنصار وأبروا المهاجرين في الفيء ، وقيل : نزلت في بيت من الأنصار كان لهم رأس غنم مشوي فاهدوه إلى غيرهم وقالوا : هم أحوج إليه ، فبعث الثاني إلى الثالث والثالث إلى الرابع حتى تداول بين سبعة أنفس ، وقيل : نزلت في سبعة عطشوا يوم أحد فأتي بما لا يكفي إلا واحد منهم فقال : ناول فلاناً حتى طيف بالماء على جملتهم ، وماتوا ولم يشرب منهم أحدٌ ، وقيل : نزلت في رجل أضاف عنده رجل وليس عنده إلا قوته وعياله فقدمه فأثنى الله عليه { ومن يوق شح نفسه } أي بخل نفسه { فأولئك هم المفلحون } ثم ثلث بالتابعين فقال سبحانه : { والذين جاؤوا من بعدهم } قيل : من أسلم في أيام الرسول ، وقيل : هم التابعون بإحسان إلى يوم القيامة ، ثم وصفهم فقال سبحانه : { يقولون ربنا اغفر لنا ولأِخواننا الذين سبقونا بالإِيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً } قيل : غشاً ، وقيل : خيانة سألوا الله أن يزيل ذلك .