Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 35-45)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وإن كان كبر عليك إعراضهم } أي عظم وشق ذلك أنه عظم على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إعراض الخلق عن الله تعالى ، ومعصيتهم له ، ومخالفتهم لحكمه ، فلما كبر ذلك عنده وعظم عليه أنزل الله هذه الآية ، والنفق هو المحتقر في الأرض ، حتى يُطلع لهم آية يؤمنون بها { أو سلماً } أي درجة ومصعداً { في السماء } يصعد فيه { فتأتيهم بآية } منها فافعل يعني انك لا تستيطع ذلك والمعنى إنما أنت عبد مأمور وأنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لو استطاع أن يأتيهم بآية من تحت الأرض أو من فوق السماء لأتى بها رجاء لايمانهم { ولو شاء الله لجمعهم على الهدى } بأن يأتيهم بآية ملجئة ولكنه لا يفعل لعلمه بالمصلحة { فلا تكونن من الجاهلين } من الذين يجهلون ذلك ويرومون ما هو خلافه قوله تعالى : { إنما يستجيب } أي يجيب ، وقد يكون ذلك بالقبول { الذين يسمعون } يعني يجيب من سمع الحق سماع مسترشد طلباً للحق ، فأما من لا يسمع أو يسمع منكراً أو معانداً فإنه لا يؤمن { والموتى } يعني الكفار ، وقيل : الموتى { يبعثهم الله ثم إليه يرجعون } { ولكن أكثرهم لا يعلمون } ما لهم في نزولها ، قوله تعالى : { وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه } على التأكيد يعني كل ذي روح إما أن تدب وإما أن يطير { إلا أمم أمثالكم } مكتوبة أرزاقها وآجالها وأعمالها كما كتبنا آجالكم وأرزاقكم وأعمالكم { ما فرطنا في الكتاب من شيء } ما تركنا في اللوح المحفوظ من شيء من ذلك لم نكتبه بل كتبناه { ثم إلى ربهم يحشرون } يعني الأمم كلها من الدواب والطير فيعرضون وينصف بعضها من بعض ، كما روي أنه يأخذ للجماء من القرناء ، وقيل : أمثالكم في الآجال وفي الأرزاق ، وقيل : في إنها تولد { والذين كذبوا بآياتنا } بمحمد والقرآن { صم } لا يسمعون الحق { وبكم } لا ينطقون { في الظلمات } يعني ظلمات الكفر فهم غافلون عن تأمل ذلك والتفكر فيه { من يشإِ الله يضلله } أي يخليه وضلالته لا يلطف به لأنه ليس من أهل اللطف { ومن يشإِ يجعله على صراط مستقيم } أي يلطف به { أغير الله تدعون } بمعنى أتخصون آلهتكم بالدعوة فيما هو عادتكم إذا أصابكم ضر أو تدعون الله دونها { بل إيَّاه تدعون } بل تخصونه بالدعاء دون الالهة { فيكشف ما تدعون إليه } أي ما تدعونه لكشفه { إن شاء } إن أراد أن يتفضل عليكم ولم يكن فيه مفسدة { وتنسون ما تشركون } يعني وتتركون آلهتكم ولا تذكرونها في ذلك الوقت ، قوله تعالى : { فأخذناهم بالبأساء } يعني الجوع والقحط { والضراء } الأمراض ، وقيل : البأساء شدة الفقر ، وقيل : البأساء القتل والضراء احتياج المال ، وقيل : البأساء الخوف والضراء المرض وموت الأولاد { لعلهم يتضرعون } يعني فعلنا ذلك لعلهم يتذللون لربهم ويتوبوا ، قوله تعالى : { فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا } معناه نفي التضرع عنهم ولم يكن إلا لقسوة قلوبهم وإعجابهم بأعمالهم التي زينها الشيطان لهم ، وقيل : معناه هل لا تضرعوا إلى الله من ذنوبهم إذ جاءهم بأسنا أي نزل بهم البلاء { فلما نسوا ما ذكروا به } من البأساء والضراء أي تركوا الاتعاظ ولم ينفع فيهم ولم يزجرهم ، وقيل : تركوا ما ذكروا به من الأوامر والنواهي { فتحنا عليهم أبواب كل شيء } أي أبدلناهم مكان الشدة الرخاء في العيش والصحة وصنوف النعمة { حتى إذا فرحوا بما أُوتوا } من الخير { أخذناهم بغتة } أي فجأة اَمَنَ ما كانوا وأعجب ما كانت الدنيا لهم { فإذا هم مبلسون } ، قيل : خرجوا من الدنيا آيسين من رحمة الله ، وقيل : هالكون آيسون متحيرون ، وقيل : مخذولون { فقطع دابر القوم } آخرهم لم يترك منهم أحد يعني استوصلوا وأهلكوا { والحمد لله رب العالمين } عند هلاك الظلمة ، فإنه من أجل النعم حيث منعهم من زيادة الكفر والمعاصي ، وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : " إذا رأيت الله سبحانه وتعالى يعطي العباد ما يسألون على معاصيهم فإنما ذلك استدراج منه لهم " ، وتلا هذه الآية : { فلما نسوا ما ذكِّروا به } .