Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 60, Ayat: 3-7)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم } يعني إن واليتم أعداء الله لأجل الرحم أو لأجل الأولاد فذلك لن ينفعكم { يوم القيامة يفصل بينكم } قيل : يفرق بينكم فيدخل المطيعين الجنة والعاصين في النار ، وقيل : يفصل بينكم من فصل القضاء ، ثم بيَّن قصة ابراهيم مع أبيه فقال سبحانه : { قد كانت لكم أسوة حسنة } أي قدوة حسنة { في إبراهيم والذين معه } واتبعوه إذ قالوا لقومهم : { انا برءآؤا منكم ومما تعبدون من دون الله } يعني الأوثان لا تعبدوها ولا تواصلوها { كفرنا بكم } أي جحدنا دينكم وأنكرنا معبودكم { وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده } أي ظهرت العداوة بيننا إلا أن تؤمنوا فتسقط العداوة { إلاَّ قول ابراهيم لأبيه لأستغفرنَّ لك } قيل : معنى الاستثناء قد كان لكم أسوة حسنة في إبراهيم في كل أموره إلا في قول ابراهيم { لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء } فنهوا أن يقتدوا به في هذه خاصة ، وقيل : نهوا أن يستغفروا لآبائهم للمشركين ، وبيّن قصة إبراهيم وقيل : كان آزر أبو إبراهيم ويريد أنه مسلم فاستغفر له فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ، وقيل : قوله : { لأستغفرن لك } هو قوله : { الا عن موعدة وعدها إياه } يعني وعد إبراهيم أباه أن يستغفر له { وما أملك لك من الله من شيء } أي لا أقدر على رفع العذاب { ربنا عليك توكلنا } في أمور ديننا ودنيانا ، والتوكل تفويض الأمر إليه { وإليك أنبنا } أي رجعنا إليك بالطاعة والعبادة { وإليك المصير } أي إلى حكمك المرجع { ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا } بإظهارهم علينا ليروا أنهم على دين ، وقيل : ألطف بنا حتى نصبر على آذائهم { واغفر لنا } ما سلف من ذنوبنا { إنك أنت العزيز الحكيم } الذي لا تفعل إلا بحكمة { لقد كان لكم } أيها المسلمون { فيهم } أي في إبراهيم والأنبياء والمؤمنين على ما تقدم { أسوة } قدوة { حسنة } من حيث يوجب الثواب ، وقيل : لأنها موعظة في نهاية الصلاح ، ومتى قيل : لم كرر ذلك ؟ قلنا : في الأول أمر بالاقتداء به في البراءة من الكفار وفي الثاني أمر بالاقتداء به في التوكل عليه فلم يكن تكراراً ، وقيل : تأكيداً لقطع المعتاد من موالاة الأقارب ، وقيل : أمراً بعد أمر في وقتين { لمن كان يرجو الله واليوم الآخر } أي يرجو ثوابه ورحمته { ومن يتول } أي يعرض عن طاعة الله { فإن الله هو الغني الحميد } لا يحتاج إلى شيء الحميد المنعم على من يطيعه ويعصيه ، وقيل : المحمود في أفعاله { عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة } لما نزلت الآية المتقدمة عادى المؤمنون أقاربهم وأظهروا العداوة فأنزل الله { عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم } من الكفار كفار مكة بأن يسلموا فيصيروا أولياء وأخوانا لكم ، وعسى من الله وأحب ، يعني يحصل بينكم المودة أيها المؤمنون وبين الذين عاديتم منهم مودة بالاسلام ، وكان ذلك حين أسلم كثير منهم ، وقيل : صار بينه وبينهم وصلة فتزوج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأم حبيبة وصاروا موالي بأن تلطف حتى تظهر المودة { والله غفور رحيم } .