Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 30-33)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك } وذلك أن قريشاً لما أسلمت الأنصار وبايعوه اجتمعوا في دار الندوة متشاورين في أمره فدخل عليهم ابليس لعنه الله تعالى في صورة شيخ فقال : أنا شيخ من نجد دخلت مكة فسمعت باجتماعكم فأردت أن أحضركم ولن تعدموا مني رأياً ، فقالوا : تحبسونه في بيت وتشدوا وثاقه ، فقال ابليس : بئس الرأي يأتيكم من يقاتلكم من قومه ، فقال هشام بن عمرو بن عروة : تخرجونه من بين أظهركم ، فقال ابليس : بئس الرأي يفسد قوماً غيركم ويقاتلكم بهم ، فقال أبو جهل : تأخذون من كل بطن غلاماً فتضربونه ضربة رجل واحد ، فيفترق دمه فلا يقوى بنو هاشم على حرب قريش كلهم ، فقال الشيخ : صدق هذا الفتى هذا أجودكم رأياً ، فتفرقوا على رأي أبي جهل مجمعين على قتله ، فأخبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأمره أن لا يبيت في مضجعه ، وأذن الله له في الهجرة ، ونام علي ( عليه السلام ) في مضجعه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : " اتشح ببردتي فإنه لا يصل إليك أمراً تكرهه " ثم خرج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، قال في الثعلبي : وجعل ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ينثر التراب على رؤوسهم ومضى إلى الغار في ثور وهو جبل فدخل فيه هو وأبو بكر وخلف علي ( عليه السلام ) بمكة حتى يؤدي الودائع وبات المشركون يحرسون عليَّاً الى الصباح ، وقالوا له : أين صاحبك ؟ وقد رد الله مكرهم ، فمكث في الغار ثلاثة أيام ثم قدم المدينة ، وقوله : { ليثبتوك } أي يشدوك { وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا } الآية نزلت في النضر بن الحرث وكان النضر يختلف بتجارة له إلى الشام إلى بلاد فارس ، وهو المعنى بقوله : { وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك } ، وقيل : نزلت في كفار قريش قالوا ذلك تمرداً ، وقولهم : { هذا أساطير الأولين } أي أخبار الأمم الماضية { فأمطر علينا حجارة من السماء } كما أمطرتها على قوم لوط { أو ائتنا بعذاب أليم } أي ببعض ما عذب به الأمم قال عطا : لقد نزل في النضر بن الحرث بضع عشر آية من كتاب الله تعالى ، قال في الثعلبي : " وروي أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قتل يوم بدر ثلاثة من قريش صبراً : المطعم بن عدي ، وعقبة بن أبي معيط ، والنضر بن الحرث ، وكان النضر أسير المقداد فلما أمر بقتله قال المقداد ، أسيري يا رسول الله ؟ قالها ثلاثاً : فقال : " اللهم أغن المقداد من فضلك " فقال المقداد : هذا الذي أردت " { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم } الآية يعني فيهم بقية من المؤمنين يستغفرون الله تعالى بعد خروج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأن عذاب الاستئصال يعمّ ولو عذب لعذاب هؤلاء المؤمنون المستغفرون ، ولما خرج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عذبهم بالسيف { وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام } ، قيل : كانوا يصدون المؤمنين ، وقيل : صدوا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عام الحديبية وكانوا يقولون نحن ولاة البيت ، قال في الثعلبي : وقوله : { وما كان الله معذبهم } الآية فأما النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقد مضى ، وأما الاستغفار فهو كائن فيكم إلى يوم القيامة ، وقال عكرمة : وهم يستغفرون أي يصلون .