Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 1-2)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { براءة من الله ورسوله } قال جار الله : لها عدة أسماء : براءة ، التوبة ، المقشقشة ، المبعثرة ، المخزية ، الفاضحة ، المثيرة ، الحافرة ، المنكلة ، المدمدمة ، سورة العذاب ، وقد اختلف فيها فقال بعضهم : الأنفال وبراءة سورة واحدة ، وقال بعضهم : هما سورتان وترك البسملة لقول من قال أنهما سورة واحدة ، والمعنى أن الله ورسوله قد تبرأ من العهد الذي عاهدتم به المشركين وأنه منبوذاً لهم ، قال جار الله : فإن قلت لم علقت البراءة بالله ورسوله والمعاهدة للمسلمين ؟ قلتُ : قد أذن الله في معاهدة المسلمين أولاً ، وروي أنهم عاهدوا المشركين من أهل مكة وغيرهم من العرب فنكثوا إلا ناساً منهم وهم بنو ضمرة وبنو كنانة فنبذوا العهد الى الناكثين ، وأمر الله أن يسيحوا في الأرض أربعة أشهر آمنين أين شاؤوا وألا يتعرض لهم ، وهي الأشهر الحرم ، في قوله تعالى : { فإذا انسلخ الأشهر الحرم } وكان نزولها سنة تسع من الهجرة ، وفتح مكة سنة ثماني من الهجرة ، وأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أبا بكر ثم تبعه علي ( عليه السلام ) راكب العصباء ليقرأها على أهل الموسم ، فلما دنا على سمع أبو بكر الرغاء فوقف وقال : هذا رغاء ناقة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فلما لحقه قال : أمير أو مأمور ؟ فقال : مأمور ، وروي أن أبا بكر لما كان ببعض الطريق هبط جبريل قال : يا محمد لا يبلغنّ رسالتك إلا رجل منك فأرسل علياً ( عليه السلام ) ، فرجع أبو بكر فقال : يا رسول الله أشيء نزل من السماء ؟ فقرأ عليهم ثلاثين آية أو قيل : أربعين آية ، وقيل : عشر آيات ، وقال : " لا يقرب البيت بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ولا تدخل الجنة إلاَّ كل نفس مؤمنة " قال جار الله : فعند ذلك قالوا : يا علي أبلغ ابن عمك أنَّا نبذنا العهد وراء ظهورنا ، وأنه ليس بيننا وبينه عهد إلاَّ طعن بالرماح وضرب بالسيوف ، قال في الحاكم : نزلت في ثلاثة أحياض العرب ، خزاعة وبني مدلج وبني خزيمة ، كان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عاهدهم سنتين فجعل الله أجلهم أربعة أشهر ولم يعاهد أحداً بعد الاية ، وقيل : نزلت في المشركين من كان له عهد ومن لا عهد له وأجلهم أربعة أشهر حتى ينظروا في أمرهم ، أما أن يسلموا أو يأذنوا بحرب من الله ورسوله ، وأباح دماءهم بعد هذه المدة ، وقيل : نزلت في أهل مكة عاهدوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عام الحديبية على وضع الحرب عشر سنين ، ودخلت خزاعة في عهد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبنو بكر دخلوا مع قريش ، قعدت بنو بكر على خزاعة وأعانتهم قريش حتى تظاهروا عليهم ونقضوا وقتلوا خزاعة ، فخرج عمرو بن سالم الخزاعي إلى المدينة حتى وقف بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأنشد أبياتاً أولها : @ يا رب إني ناشد محمداً حلف أبينا وأبيك الأتلدا إن قريشاً أخلفوك الموعدا ونقضوا ميثاقك المؤكدا هم بيوتنا بالحطيم هجدا وقتلونا ركعاً وسجداً @@ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " لا نصرت إن لم أنصركم " وتجهز لحرب مكة في سنة ثمان من الهجرة عن مجاهد وابن اسحاق { فسيحوا في الأرض أربعة أشهر } هي شوال والقعدة وذو الحجة والمحرم ، وهذا قول من يقول أن السورة نزلت في شوال ، وقيل : هي عشرون من ذي الحجة ومحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر من ربيع الآخر ، قال جار الله : إن الأشهر الحرم قد نسخت وأبيح قتال المشركين فيها { واعلموا أنكم غير معجزي الله } لا تفوتونه وإن أمهلكم وهو مخزيكم أي مذلكم في الدنيا بالقتل وفي الآخرة بالعذاب .