Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 25-27)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لقد نصركم الله في مواطن كثيرة } في مواضع قتالكم التي أقمتم فيها القتال ، وروي أن تلك المواطن ثمانون موطناً { ويوم حنين } وهو واد بين مكة والطائف { إذ أعجبتكم كثرتكم } وهم اثني عشر ألفاً الذين حضروا فتح مكة ، فلما التقوا قال رجل من المسلمين : لم نغلب اليوم من قلة ، فسار رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقيل : الذي قال ذلك أبو بكر فأدركت المسلمين كلمة الاعجاب بالكثرة ، وزال عنهم أن الله هو الناصر لا كثرة الجنود فانهزموا حتى بلغ أولهم مكة ، وبقي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وحده ثابتاً في مركزه لا يتحلحل ، ليس معه إلاَّ عمه العباس أخذ بلجام دابته وأبو سفيان وأمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) يقاتل القوم ، وناهيك بهذه الواحدة شهادة صدقت على شجاعته ( عليه السلام ) { وضاقت عليكم الأرض بما رحبت } أي بما اتسعت ، وقيل : هو مثل لمن بلغت الغاية في الحرب والخوف { ثم وليتم مدبرين } أي انصرفتم هاربين { ثم أنزل الله سكينته } ، قيل : رحمته التي تسكن اليها النفوس ، وقيل : السكينة الوقار { على رسوله } ( صلى الله عليه وآله وسلم ) { وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها } يعني بهم الملائكة ، وكانوا خمسة آلاف ، وقيل : ثمانية آلاف ، وقيل : ستة عشر ألفاً ، وقيل : لم يقاتلوا يوم حنين وإنما قاتلوا يوم بدر { وعذب الذين كفروا } بالقتل والأسر وسبي النساء والذراري ، روي أنه سبي منهم يومئذ ستة آلاف نفس وأخذوا من الابل والغنم ما لا يحصى { ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء } أي يسلم بعد ذلك ناس منهم ، وروي أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فتح مكة في شهر رمضان وخرج متوجهاً إلى حنين لقتال هوازن وغطفان وثقيف ، وقد اجتمعوا لقتال المسلمين وتوجهوا ومعهم أموالهم ونساءهم وذراريهم ، وفيهم دريد بن الصمة شيخ كبير ، " وروي أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لما بقي انهزموا وبقي معه جماعة منهم العباس وهو ينادي : " يا معاشر المهاجرين والأنصار ، يا معاشر أصحاب الشجرة ، يا معاشر سورة البقرة " ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يركض بغلته على العدوّ ، وأبو سفيان بن الحرث آخذ بالركاب ، والعباس باللجام ، وهو يقول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : * أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب * وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) يكرّ على الناس وهو يقول : * قد قال إذ عممني العمامة * أنت الذي بعدي له الإمامة فلما سمع المسلمون صوت العباس أقبلوا راجعين يقولون : لبيك ، وتبادر الأنصار خاصة ، وقاتلوا المشركين حتى قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " الآن حمى الوطيس " ثم أخذ كفاً من الحصى فرماها بهم وقال : " شاهت الوجوه " فامتلأت عيونهم من التراب وولوا منهزمين " .