Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 115-119)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَاصْبِرْ } أي : على ما فرض الله عليك ، وعلى ما يقول لك المشركون من الأذى { فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } . قوله : { فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ } [ يعني طاعة ] { يَنْهَوْنَ عَنِ الفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ } يقول : لم يكن ذلك إلا قليلاً ممن أنجينا منهم أي : من المؤمنين . وأولو بقية عند بعضهم مثل قوله : { بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَّكُمْ } [ هود : 86 ] أي : حظكم عند ربكم خير لكم ، يعني الجنة . قال : { وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ } يعني المشركين ، اتبعوا ما أترفوا فيه ، أي : من دنياهم . وقال الحسن : ما وسّع الله عليهم فيه من الدنيا . { وَكَانُوا مُجْرِمِينَ } أي : مشركين . قوله : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } كقوله : { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [ العنكبوت : 40 ] ، يعني بشركهم وتكذيبهم رسلهم . ولو آمنوا لم يهلكوا بالعذاب . قوله : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً } أي : على الإِيمان . مثل قوله : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لأَمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً } [ يونس : 99 ] { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ } والمختلفون هم الكفار ، وهم في اختلاف [ على أديان شتى ] في تفسير مجاهد وغيره ، مثل قوله : { بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ } [ سورة ق : 5 ] أي : ملتبس . وعامة الناس كفار . وقوله : { إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ } والمختلفون هم الكفار ، وهم المؤمنون ، لا يختلفون في البعث كما اختلف الكفّار ، وهم في شك منه ، وذلك منهم اختلاف ، وهم منه في لَبس . فأهل رحمة الله أهل جماعة وإن تفرّقت ديارهم ، وأهل معصية الله أهل فرقة وإن اجتمعت ديارهم . والآية محتملة لاختلاف الكفار في البعث وشكهم فيه ، واختلاف من اختلف من أهل القبلة مما شرعوا من الأديان ما لم يأذن به الله ، وادعائهم على الله في ذلك الكذب ، وبقولهم في ذلك على الله ما لا يعملون . قوله : { وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } قال الحسن : للاختلاف ، وتلا هذه الآية : { عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ العَظِيمِ الَّذَي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } [ النبإ : 1 - 3 ] . ولا اختلاف اليوم أعظم وبالاً ولا أشد فرقة ولا ادعاء على الله من مختلفي أهل القبلة فيما شرعوا من أديانهم . وتَقَوَّلُوا على الله من أباطيلهم . قال : ولذلك خلق أهل الرحمة لا يختلفون . قوله : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ } أي : وسبقت كلمة ربك { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } أي : من كلا الفريقين : الجن والإِنس ، يعني الكفار أهل النار . كقوله : { اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ } [ الأعراف : 18 ] أي : من كلا الفريقين ممن عصى الله وارتكب الكبائر .