Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 16-18)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللهُ } هو مثل قوله : { قُلْ مَن رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } [ المؤمنون : 86 - 87 ] قال الله : فإذا أقروا بذلك اي : أنه الله فـ { قُلَ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ } وهو على الاستفهام . { لاَ يَمْلِكُونَ لأِنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً } ولا تغني عنهم أوثانهم التي يعبدون من دون الله . وهذا استفهام على معرفة . أي : قد فعلتم . { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالبَصِيرُ } وهذا مثل الكافر والمؤمن ؛ الكافر أعمى عن الهدى ، والمؤمن أبصر الإِيمان . { أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ } على الاستفهام ، أي : إن ذلك لا يستوي . { أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الخَلْقُ عَلَيْهِمْ } يقول : هل يدَّعون أن تلك الأوثان خلقت مع الله شيئاً ، فلم يدروا أي الخالقين يعبدون ؟ هل رأوا ذلك . وهل يستطيعون أن يحتجوا به على الله يوم القيامة ؟ أي : إنهم لا يدّعون ذلك ، وإنهم يعرفون أن الله خالق كل شيء ، فكيف يعبدون هذه الأوثان من دون الله . وهذا تفسير الحسن . ثم قال الله : { قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الوَاحِدُ القَهَّارُ } . وقال مجاهد : { أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الخَلْقُ عَلَيْهِمْ } فحملهم ذلك على أن شكّوا في الأوثان ، فاتخذوهم آلهة . قوله : { أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا } الكبير بقدره ، والصغير بقدره { فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً } أي : عالياً ، يعني الزبد الذي قد ربا فوق الماء . { وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ } هذه ثلاثة أمثال في مثل واحد ضربها الله للمؤمن والكافر . فأما قوله : { وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ } فإنه يعني الذهب والفضة إذا أذيبا ، فعلا خبثهما ، وهو الزبد ، فخلص خالصهما تحت ذلك الزبد . { أَوْ مَتَاعٍ } أي : وابتغاء متاع ، ما يستمتع به ، زبد مثله ، أي : مثل زبد الماء . والذي يوقد عليه ابتغاء متاع هو الحديد والنحاس والرصاص إذا صُفِّيَ ذلك أيضاً فخلص خالصه وعلا خبثه ، وهو زبده . قال الله : { كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الحَقَّ وَالبَاطِلَ } . قال : { فَأَمَّا الزَّبَدُ } زبد الماء وزبد الحلي وزبد الحديد والنحاس والرصاص { فَيَذْهَبُ جُفَاءً } أي : باطلاً لا ينتفع به ، وهذا مثل عمل الكافر لا ينتفع به في الآخرة { وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ } أي : فينتفع بالماء ، فينبت عليه الزرع والمرعى ، فينتفع به . وينتفع بذلك الحلي والمتاع الخالص من الصفر والحديد والرصاص . فهذا عمل المؤمن يبقى ثوابه في الآخرة . قوله : { كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثالَ } . ثم فسّر تلك الأمثال فقال : { لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ } أي : آمنوا بربهم { الحُسْنَى } أي : الجنة . { وَالّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ } أي : الكفار { لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْا بِهِ } . ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " يقال للكافر يوم القيامة : لو أن لك ملء الأرض ذهباً أكنت مفتدياً به ؟ فيقول : نعم . فيقال له : كذبت . قد سئلت ما هو أهون من ذلك " قال : { أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الحِسَابِ } أي : لافتدوا به من سوء الحساب ؛ يؤخذون بسيئاتهم ، وتحبط حسناتهم ؛ أي : قد استوفوها في الدنيا ، فلهم سوء الحساب في الآخرة . وسوء الحساب شدته . وحسابهم أن يصيروا إلى النار . { وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } أي : ومنزلتهم جهنم { وَبِئْسَ المِهَادُ } أي : وبئس الفراش . والمهاد والفراش والقرار واحد . مثل قوله : { جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً } [ البقرة : 22 ] ومهاداً وبساطاً وقراراً .