Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 1-2)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تفسير سورة الحجر ، وهي مكية كلها { بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } قوله : { الۤر تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ } . قد فسّرناه في غير هذا الموضع . قوله : { رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ } هو كقوله : { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ } [ المؤمنون : 99 - 100 ] وكقوله : { يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ ولاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ } [ الأَنعام : 27 ] وكقوله : { ياَ لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ } [ الأَحزاب : 66 ] . وذلك لما رأوا من كرامة الله للمؤمنين وثوابه إياهم ، فتمنّوا أن لو كانوا مسلمين ومؤمنين لينالوا ما نال المسلمون من ثواب الله وجزيل عطائه . وقد تأوّلت الفرقة الشاكّة هذه الآية على غير تأويلها ، وردّت على الله تنزيله ، فقالوا : هم قوم من أهل التوحيد يدخلون النار ، فيعيّرهم أهل النار ، ويقولون : قد كان هؤلاء مسلمين فما أغنى عنهم ؛ قالوا : فيغضب لهم ربهم فيخرجهم زعموا من النار ويدخلهم الجنة . قالوا : فعند ذلك { يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ } . فزعموا أن الله مخرج أقواماً من النار قد احترقوا وصاروا حمماً . فيدخلون الجنة ، فيقول أهل الجنة هؤلاء الجهنّميون . قالوا : فيدعون ربّهم فيمحي ذلك الاسم عنهم ، فيسمّون عتقاءَ ربّ العالمين ، افتراء على الله ، وكذباً عليه ، وجحوداً بتنزيله إذ يقول : { بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً } يعني الشرك { وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ } يعني الكبائر الموبقة { فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ البقرة : 81 ] وقال : { يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } [ المائدة : 37 ] . وقال : { وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ } [ الصافات : 9 ] أي : دائم لا ينقطع . وقال : { لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } [ الزخرف : 75 ] أي : يائسون . وقال : { كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَّخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ } [ الحج : 22 ] . وقال : { لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ } [ فاطر : 36 ] وقال : { وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ } [ الزخرف : 77 ] وقال : { وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ } [ غافر : 49 ] قالت لهم الخزنة : { أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَما دُعَاء الكَافِرِينَ } أي : أهل النار { إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } [ غافر : 50 ] . فكيف بعد هذا من تنزيل الله ومحكم كتابه تزعم الفرقة الشاكة أن أهل جهنم يخرجون منها ويدخلون الجنة ؟ يتّبعون الروايات الكاذبة التي ليس لها أصل في كتاب الله ، وينبذون كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون فالله الحاكم بيننا وبينهم وهو خير الحاكمين .