Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 81-85)

Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَقُلْ جَاءَ الحَقُّ } أي : القرآن . { وَزَهَقَ البَاطِلُ } أي : إبليس { إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً } والزهوق : الداحض الذاهب . قوله : { وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْءَانِ } أي : ينزل الله من القرآن { مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً } أي : كلما جاء من القرآن شيء كذبوا به فازدادوا فيه خساراً إلى خسارهم . قوله : { وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ } يعني المشرك ، أعطيناه السعة والعافية . { أَعْرَضَ } عن الله وعن عبادته { وَنَئَا بِجَانِبِهِ } أي : تباعد عن الله مستغنياً عنه . وقال مجاهد : تباعد منا ؛ وهو واحد . { وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ } أي : الأمراض والشدائد . { كَانَ يَئُوساً } . يقول : يئس أن يفرّج ذلك عنه لأنه ليست له نية ولا حسبة ولا رجاء . { قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ } أي : على ناحيته ونيّته ؛ أي : المؤمن على إيمانه ، والكافر على كفره { فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً } أي : فهو أعلم بأن المؤمن أهدى سبيلاً من الكافر . قوله : { وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ } ذكر مجاهد أن ناساً من اليهود لقوا النبي عليه الصلاة والسلام وهو على بغلته فسألوه عن الروح فأنزل الله : { وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ } { قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } . وفي تفسير الكلبي أن المشركين بعثوا رسلاً إلى المدينة فقالوا لهم : سلوا اليهود عن محمد وصِفوا لهم نعته وقوله ، ثم ائتونا فأخبرونا . فانطلقوا حتى قدموا المدينة فوجدوا بها علماء اليهود من كل أرض قد اجتمعوا فيها لعيد لهم . فسألوهم عن محمد ووصفوا لهم نعته . فقال لهم حبر من أحبار اليهود : إن هذا لنعت النبي الذي نُحدَّث أن الله باعثه في هذه الأرض . فقالت له رسل قريش : إنه فقير عائل يتيم لم يتّبعه من قومه من أهل الرأي أحد ولا من ذوي الأسنان . فضحك الحبر وقال : كذلك نجده . فقالت رسل قريش : إنه يقول قولاً عظيماً : يدعو إلى الرحمن ويقول : إن الذي باليمامة الساحر الكذاب ، يعنون مسيلمة . فقالت لهم اليهود : لا تكثروا علينا . اذهبوا فاسألوا صاحبكم عن خلال ثلاث ، فإن الذي باليمامة قد عجز عنهن . فأما اثنتان فإنهما لا يعلمهما إلا نبي ، فإن أخبركم بهما فإنه صادق . وأما الثالثة فلا يجترىء عليها أحد . قالت لهم رسل قريش : أخبرونا بهن . فقالت لهم اليهود : سلوه عن أصحاب الكهف والرقيم ، وقصوا عليهم قصتهم ، واسألوه عن ذي القرنين ، وحدثوهم بأمره ، واسألوه عن الروح ، فإن أخبركم فيه بشيء فهو كاذب . فرجعت رسل قريش إليهم فأخبروهم بذلك . فأرسلو إلى نبيّ الله فلقيهم فقالوا له : يا ابن عبد المطلب ، إنا سائلوك عن خلال ثلاث ، فإن أخبرتنا عنهن فأنت صادق ، وإلا فلا تذكر آلهتنا بسوء . فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وما هن ؟ " قالوا : أخبرنا عن أصحاب الكهف ، فإنا قد أخبرنا عنهم بآية بيّنة ، وأخبرنا عن ذي القرنين ، فإنا أخبرنا عنه بأمر بيّن . وأخبرنا عن الروح . فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنظروني حتى أنظر ما يُحدِث إليَّ فيه ربّي " . قالوا : فإنا ناظروك فيه ثلاثة أيام . فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم أياماً لا يأتيه جبريل . ثم أتاه جبريل . فاستبشر النبي صلى الله عليه وسلم وقال : يا جبريل ، قد رأيت ما سألني عنه قومي ، ثم لم تأتني . فقال له جبريل : { وَمَا نَتَنَزَّلُ إلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } [ مريم : 64 ] . فإذا شاء ربك أرسلني إليك . ثم قال له جبريل : { وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } . ثم قال : { أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً } [ الكهف : 9 ] ، فذكر قصتهم . ثم قال : { وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي القَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِّنْهُ ذِكْراً } [ الكهف : 83 ] . فذكر قصته . ثم لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً في آخر اليوم الثالث فقالوا : ماذا أحدث لك ربك في الذي سألناك عنه ، فقصّه عليهم . فعجبوا ، فغلب عليهم الشيطان أن يصدقوه " . ذكروا أن ابن عباس فسّر الروح مرة واحدة ثم أمسك عن تفسيرها . وفسّرها بعض السلف مرة واحدة ، ثم كفّ عن تفسيرها . وأما الحسن فقال الروح : القرآن . قال : { الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي } أي : القرآن من أمر ربي { وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } . وذكروا عن بعض التابعين أنه قال : الروح خلق من خلق الله لهم أيد وأرجل . وقال بعضهم : لقيت اليهود نبيُّ الله فتعنّتوه وسألوه عن الروح وعن أصحاب الكهف وعن ذي القرنين ؛ فأنزل الله : { وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } أي : اليهود .