Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 168-173)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ } أي ما يأمركم به الشيطان { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } أي : بَيِّن العداوة وقال بعضهم : خطوات الشيطان : ما حرَّم عليهم من الحرث والأنعام . { إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي ما لا تعلمون أنه الحق . قوله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءَابَاءَنَا } أي : ما وجدنا عليه آباءنا ، وهم مشركون بالله . قال الله : { أَوَلَوْ كَانَ ءَابَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } . وهذا على الاستفهام . أي : أيتبعونهم ولو كانوا لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون ؟ يُسفِّه بذلك عقول الأبناء إذا تبعوا الآباء ، وهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون . قوله : { وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا } فيما يدعوهم إليه النبي { كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً } أي مثلهم كمثل الراعي الذي يصيح بالبعير والشاة . وقال الحسن : كمثل الراعي الذي يصيح بالغنم فترفع رؤوسها لا تدري ما يقول . ثم تضع رؤوسها . قال : فكذلك هم إذا دعوا إلى الهدى . وقال مجاهد : هو دعاء النعق بآلهتهم . قوله : { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } . قال : صمّ عن الحق . أي : عن الهدى فلا يسمعونه ، وبكم عنه فلا ينطقون به وعمي عنه فلا يبصرونه . قوله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } يعني : بالطيبات الحلال . وذلك لما حرم أهل الجاهلية على أنفسهم من الأنعام والحرث . مثل قوله : { وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا … } إلى آخر الآية [ الأنعام : 136 ] . وهو كقوله : { قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ ءَآللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ } [ يونس : 59 ] . فأمر الله المؤمنين أن يأكلوا من طيبات ما رزقهم ، وأخبرهم أنه { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ } يعني ذبائح المشركين إلا من كان من أهل الكتاب ؛ قال في سورة المائدة : { وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ } [ المائدة : 5 ] . والطعام هاهنا هو الذبائح . قوله : { فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ } يأكل حتى يشبع ولا يتزوّد . وقال بعضهم : يأكل ما يزوّد به نفسه ولا يشبع . { إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . وقال بعضهم : غَيْرَ بَاغٍ : أي في أكله ، وَلاَ عَادٍ : أي : لا يتعدى حلالاً إلى حرام وهو يجد عنه مندوحة قوتاً أو قوة . وقال الحسن : { غَيْرَ بَاغٍ } : يحمله على أكله ابتغاء الاثم على غير اضطرار منه إليه ، { وَلاَ عَادٍ } ، أي : لا متعد لما أحل الله له من ذلك عند الاضطرار منه إليه ، فيحرمه وهو موضوع عنه . وقال مجاهد : غير باغ : يبغى على الناس ، ولا عاد : يقطع عليهم الطريق . وكل ما تأوّلوه عليه يخرج صحيحاً . ذكروا عن سهل بن عبد الله بن عون قال : دخلت على الحسن فإذا عنده كتاب كتبه سمرة لولده فإذا فيه : يجزى من الضرورة أو من الضارورة صبوح أو غبوق . ذكر الحسن " أن رجلاً قال : يا رسول الله متى تحرم علي الميتة ؟ قال : إذا رويت من اللبن وجاءت ميـرة أهلك " . ذكروا عن بعض السلف أن من اضطر فلم يأكل ولم يشرب ثم مات دخل النار . ذكروا عن ابن عباس أنه قال : إن الله يحب أن تُقبل رخصه كما يحب أن تقبل عزائمه .