Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 77-79)

Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عزّ وجل : { وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ } أي : على القوم { الذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَآ } كقوله عز وجل : { رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } [ المؤمنون : 26 ] { إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } فأغرقهم الله . قال عز وجل : { وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ القَوْمِ } أي : وقعت فيه غنم القوم ليلاً فأفسدته . قال بعضهم : النفش بالليل والهمل بالنهار . وذكر لنا أن غنم القوم وقعت في زرع ليلاً ، فرفع ذلك إلى داود فقضى بالغنم لصاحب الزرع . فقال سليمان : [ ليس كذلك ولكن ] له نسلها ورِسلها وعوارضها وجزازها ، ويُزرع له مثل ذلك الزرع ، حتى إذا كان من العام القابل كهيئته يوم أُكِل دُفِعت الغنم إلى صاحبها وقبض صاحب الزرع زرعه ، فقال الله عزّ وجلّ : { فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ } . وتفسير الكلبي أن أصحاب الحرث استعدوا على أصحاب الغنم ، فنظر داود ثمن الحرث فإذا هو قريب من ثمن الغنم فقضى بالغنم لأهل الحرث . فمرّوا بسليمان فقال : كيف قضى بينكم نبيُّ الله ؟ فأخبروه . فقال : نِعمَ ما قضى ، وغيره كان أرفق بالفريقين كليهما . فدخل أصحاب الغنم على داود فأخبروه . فأرسل إلى سليمان فدخل عليه ، فعزم عليه داود بحق النبوة وبحق الملك وبحق الوالد لَمَا حدثتني كيف رأيتَ فيما قضيتُ . قال سليمان : قد عدل النبي وأحسن ، وغيره كان أرفق . قال : ما هو ؟ قال : تدفع الغنم إلى أهل الحرث فينتفعون بسمنها ولبنها وأصوافها وأولادها عامهم ، وعلى أهل الغنم أن يزرعوا لأهل الحرث مثل الذي أفسدت غنمهم . فإذا كان مثله يوم أفسد قبضوا غنمهم . فقال له داود : نِعمَ ما قضيته . قال الكلبي : وكان الحرث عِنَباً . وقال مجاهد : إن داود أعطى أصحاب الحرث الغنم بأكلها الحرث ، وحكم سليمان بجز الغنم وألبانها لأهل الحرث . وعلى أهل الحرث رِعيتُها ، ويحرث لهم أهل الغنم حتى يكون كهيئته يوم أكل ، ثم يدفعونه إلى أهله ويأخذون غنمهم . قوله تعالى : { وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ } يعني داود وسليمان ، أي لقضائهم شاهدين ، { فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ } أي : عدل القضية . وكان هذا القضاء يومئذ . وقد تكون لأمة شريعة ، ولأمة أخرى شريعة أخرى وقضاء غير قضاء الأمة الأخرى . وقد ذكروا عن سعيد بن المسيب أن ناقة البراء بن عازب وقعت في حائط رجل من الأنصار فأفسدت فيه ، فرفع ذلك إلى النبي عليه السلام فقال : " ما أجد لكم إلا قضاء سليمان بن داوود . " وقضى بحفظ أهل المواشي على أهلها بالليل ، وقضى على أهل الحوائط بحفظ حوائطهم بالنهار . قال بعضهم : فإنما يكون في هذا الحديث أن يضمن ما كان من الماشية بالليل ، وليس فيه كيف القضاء في ذلك . وإنما القضاء في ذلك الفساد ما بلغ الفساد من النقصان . ذكروا عن شريح قال في شاة دخلت بيت حائط نهاراً فأفسدت عمله فاختصما إليه فقال : { وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ القَوْمِ } والنفش لا يكون إلا بالليل ، [ إن كان ليلاً ضمن وإن كان نهاراً لم يضمن ] ، ولم يجعل فيه شيئاً . ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الدابة العجماء جبار ، والبئر جبار ، والمعدن جبار ، وفي الركاز الخمس . " قال بعضهم : وهذا عندنا في حديث النبي عليه السلام في ناقة البراء بن عازب أنه بالنهار ، وأما إن أفسدت بالليل فصاحبها ضامن والله أعلم . قوله تعالى : { وَكُلاًّ ءَاتَيْنَا } أي : أعطينا { حُكْماً وَعِلْماً } أي فهماً وعقلاً ، يعني داوود وسليمان . قال تعالى : { وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ } . كانت جميع الجبال وجميع الطير تسبح مع داوود بالغداة والعشي ، أي : يصلين ، ويفقه ذلك داوود . قوله تعالى : { وَكُنَّا فَاعِلِينَ } أي قد فعلنا ذلك بداوود .