Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 108-110)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم يرد عليهم : { قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } . قال : فوالله ما ينبس القوم بعدها بكلمة ، وما هو إلا الزفير والشهيق ، فشبه أصواتهم بأصوات الحمير أولها زفير وآخرها شهيق . ذكر بعضهم أنهم يدعون - قبل أن يدعوا مالكاً - خزنة جهنم عشرين عاماً فلا تجيبهم . ثم تجيبهم : { أَوَلَمْ تَكُ تَأتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَآءُ الكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } [ غافر : 50 ] ، ثم يدعون مالكاً فلا يجيبهم أربعين عاماً ، ثم يجيبهم : { إِنَّكُم مَّاكِثُونَ } ثم يدعون ربهم فيذرهم قدر عمر الدنيا مرّتين ثم يجيبهم : { اخْسَئُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } أي : اصغروا فيها . والخاسئ الصاغر . وقال بعضهم : الخاسئ الذي لا يتكلم بشيء ، ليس إلا الزفير والشهيق . قوله : { إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي } يعني المؤمنين { يَقُولُونَ رَبَّنَآ ءَامَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ } أي : أفضل من رحم . وقد يجعل الله الرحمة في قلوب من يشاء ، وذلك من رحمة الله ، وهو أرحم الراحمين . ذكروا عن سلمان الفارسي قال : خلق الله مائة رحمة ، كل رحمة منها طباقها السماوات والأرض . فأنزل الله منها رحمة واحدة ؛ فبها يتراحم الخلائق حتى ترحم الوالدة ولدها والبهيمة بهيمتها . فإذا كان يوم القيامة جاء بتلك التسع والتسعين رحمة فكملها مائة رحمة ، ثم نصبها بينه وبين خلقه . فالمحروم من حرم تلك الرحمة . قوله : { فَاتَّخَذتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً } يقوله لأهل النار { حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ } أي : كانوا يسخرون بأصحاب الأنبياء ويضحكون منهم . { حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي } ليس يعني أن أصحاب الأنبياء أنسوهم ذكر الله فأمروهم ألا يذكروه ، ولكن جحودهم واستهزاؤهم وضحكهم هو الذي أنساهم ذكر الله ، فأضاف ذلك إلى أصحاب النبي فقال : { حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي } أي : هم كانوا أسباب نسيانكم لذكري . كقوله : { فَأَمَّا الذِينَ ءَامَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيْمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ } [ التوبة : 124 - 125 ] فأضاف رجسهم إلى السورة لأنها كانت سبب كفرهم . وهذا من المضاف ، كقول القائل : أنساني فلان كل شيء ، وفلان غائب عنه ، بلغه عنه أمر ، فشغل ذلك قلبه . وهي كلمة عربية معروفة في اللغة .