Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 135-140)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ } في أنفسهم وعلموا أنه سائلهم عن ذلك فخافوه وتابوا إليه من ذلك . { فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ } ثم قال : { وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ } . وكان جابر بن زيد إذا قرأ هذه الآية : { ومن يغفر الذنوب إلا الله } قال : لا أحد يغفرها غيرك يا الله . ذكروا عن أبي موسى الأشعري قال : جلست إلى رجل من المهاجرين فسمعته يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيها الناس ، استغفروا الله وتوبوا إليه ، إني لأستغفر الله كل يوم مائة مرة " ذكر بعض السلف قال : ما جاور عبداً في قبره خير له من الاستغفار . قوله : { وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا } أي من المعصية { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } . ذكروا عن ابن عباس قال : كل ذنب أقام عليه العبد حتى يموت فهو كبيرة ، وكل ذنب تاب منه العبد قبل أن يموت فليس بكبيرة . وقال بعضهم : كان يقال : لا قليل مع الإِصرار ولا كثير مع الاستغفار . قوله : { أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ } قد فسّرناه قبل هذا الموضع . { خَالِدِينَ فِيهَا } أي لا يموتون ولا يخرجون منها { وَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ } أي الجنة . قوله : { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ } يعني ما عذب الله به الأمم السالفة حين كذبوا رسلَهم . وقال في آية أخرى : { سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ } [ غافر : 85 ] والتي قد خلت من قبل في الكفار أنهم إذا كذبوا رسلهم أَهلكهم الله . قال : { فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ } . كان عاقبتهم أن دمّر الله عليهم ، ثم صيّرهم إلى النار ؛ يحذّرهم ذلك . قوله : { هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ } قال بعضهم : هذا القرآن بيان للناس عامة { وَهُدًى } يهديهم الله به { وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } أي : خصّهم الله به . قوله : { وَلاَ تَهِنُوا } أي لا تضعفوا عن قتال المشركين { وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ } أي وأنتم الظاهرون عليهم والمنصورون . إنهم لما انكشفوا يوم أحد ، فصعدوا الجبل علاهم خالد بن الوليد من فوق الجبل وجاءهم أبو سفيان ، فقال الله : { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ } { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } . وأمر رسول الله أصحابه بطلب القوم ، فكرهوا ذلك وشكوا إليه الجراح ، فأنزل الله : { إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ } . أديل المؤمنون يومَ بدر عليهم ، فقتلوا سبعين وأسروا سبعين ، وأديل المشركون عليهم يوم أحد ، فقتلوا سبعين من أصحاب النبي وجرحوا سبعين . قال : { وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا } أي : ليعلم الله من يطيعه ممن يعصيه ، وهذا علم الفعال . { وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } أي المشركين . قال الحسن : فيها تقديم ؛ يقول : وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ . وقال : قد مسّ القومَ قرح مثله يوم بدر . والقرح الجراح . وقال مجاهد : جراح وقتل . وقال بعضهم : القرح الجراح ، وذلك يوم أحد ، وقد فشا في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ القتل والجراحات ، فأخبرهم الله أن القوم أصابهم من ذلك مثل ما أصابكم ، [ وأن الذي أصابكم ] عقوبةٌ قال : وتفسير تلك العقوبة بعد هذا الموضع . قوله : { وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ } ، قال : لولا أن الله جعلها دولاً بين الناس ما أوذي المؤمنون ، ولكن قد يُدال الكافر من المؤمن ، ويُدال المؤمن من الكافر .