Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 28-30)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { ضَرَبَ لَكُم مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ } ثم ذكر ذلك المثل فقال : { هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ } أي : هل يشارك أحدكم مملوكه في زوجته وماله ؟ { فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ } أي : تخافون لائمتهم { كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ } أي : كخيفة بعضكم بعضاً ، أي : إنه ليس أحد منكم هكذا ، فأنا أحق ألا يُشرَك بعبادتي غيري ، فكيف تعبدون غيري دوني ، تشركونه في ألوهيتي وربوبيتي ؟ وهو مثل قوله : { وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ } [ النحل : 71 ] قال : { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الأَيَاتِ } يعني نبيّن الآيات { لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } وهم المؤمنون . قال : { بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَآءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ } أتاهم من الله بعبادة الأوثان { فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ } أي : لا أحد يهديه { وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ } . قال : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً } أي : مخلصاً ، في تفسير الحسن . وقال الكلبي : مسلماً { فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا } أي : خلق الله الذي خلق الناس عليه ، وهو قوله : { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى } [ الأعراف : 172 ] . قال بعضهم : إن أوَّل ما خلق الله القلم فقال : اكتب . فقال : ربّ ، وما أكتب ؟ قال : ما هو كائن . فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ؛ قال : فأعمال العباد تعرض كل يوم اثنين وخميس فيجدونه على ما في الكتاب الأول . ثم أخرج الله من ظهر آدم كل نسمة هو خالقها ، فأخرجهم مثل الذر ، فقال : { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ؟ قَالُوا بَلَى } ثم أعادهم في صلب آدم ، ثم يكتب بعد ذلك العبد في بطن أمه شقياً أو سعيداً على الكتاب الأول . فمن كان في الكتاب الأول شقياً عُمِّر حتى يجري عليه القلم فينقض الميثاق الذي أُخذ عليه في صلب آدم فيكون شقياً . ومن كان في الكتاب الأول سعيداً عُمِّر حتى يجري عليه القلم فيؤمن فيصير سعيداً . ومن مات صغيراً من أولاد المؤمنين قبل أن يجري عليه القلم فهو مع آبائه في الجنة من ملوك أهل الجنة ، لأن الله يقول : { وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } [ الطور : 21 ] . ذكروا عن الحسن قال : " توفي ابن رجل من الأنصار فقعد في بيته . فافتقده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأل عنه ، فقال سعد : يا رسول الله ، توفي ابنه فقعد في بيته . ثم لقي الرجلَ سعدٌ فقال : إن رسول الله ، قد ذكرك اليومَ . فأتى الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، تُوفّي ابني فقعدت في بيتي . فقال رسول الله : أما ترضى أن تكفى مؤونته في الدنيا وألا تأتي على باب من أبواب الجنة إلا وجدته بإزائه ينتظرك ؟ " . قال بعضهم : ومن كان من أولاد المشركين ثم مات قبل أن يجري عليه القلم فليس يكونون مع آبائهم في النار ، لأنهم ماتوا على الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم ولم ينقضوا الميثاق ، قال : وهم خدم أهل الجنة . ذكروا عن أنس بن مالك قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين فقال : لم تكن لهم حسنات [ فيجزوا بها ] فيكونوا من ملوك أهل الجنة ، ولم تكن لهم سيئات فيكونوا من أهل النار ؛ فهم خدم أهل الجنة " . ذكروا عن سلمان الفارسي أنه قال : أطفال المشركين خدم لأهل الجنة . وذكر ذلك قوم للحسن فقال : وما تنكرون ؟ قوم أكرمهم الله ، وأكرَمَ بهم ، يعني أهلَ الجنة . ذكروا عن أبي هريرة قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أطفال المشركين فقال لم تكن لهم حسنات فيكونوا من ملوك أهل الجنة ، ولم تكن لهم سيئات فيكونوا من أهل النار " . ذكروا عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه . فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه . قيل : يا رسول الله ، فالذي يموت صغيراً ؟ قال : الله أعلم بما كانوا عاملين " . ذكروا عن الحسن قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : من في الجنة ؟ فقال : النبيّون في الجنة ، والمولود في الجنة ، والشهيد في الجنة ، والموءودة في الجنة " . ذكروا عن الحسن قال : أربعة يرجون العذر يوم القيامة : من مات قبل الإِسلام ، ومن أدركه الإِسلام وهو هرم قد ذهب عقله ، ومن ولدته أمه لا يسمع الصوت ، والذي يتخبّطه الشيطان من المس . فكل هؤلاء يرجون العذر يوم القيامة . قال : فيرسل الله إليهم رسولاً ، فيوقد لهم ناراً ، فيأمرهم أن يقعوا فيها ، فمن بين واقع ومن بين هارب . قال بعضهم : وبلغنا أن من واقعها نجا ، ومن لم يواقعها دخل النار . وقال بعضهم : نرى أن الذين ينجون من ولدته أمه لا يسمع الصوت ، والذي يتخبّطه الشيطان من المسّ لهما عذر ، والاثنان الآخران ليس لهما عذر : الذي مات قبل الإِسلام ، ومن أدرك الإِسلام وقد ذهب عقله لأنهما قد لقيا الحجّة من الأنبياء ؛ من عيسى أو من غيره من قبله . قال الله : { إِنَّهُمْ أَلْفَوْا ءَابَاءَهُمْ ضَآلِّينَ فَهُمْ عَلَى ءَاثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ } [ الصافات : 69 - 70 ] . وقول الحسن في هذا متروك لا يؤخذ به ولا يذهب إليه المسلمون . قوله : { لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ } أي : لدين الله ، كقوله : { إِنَّ عِبَادِي } أي : المؤمنين { لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } [ الإِسراء : 65 ] ، وكقوله : { مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِ } [ الكهف : 17 ] أي : لا يستطيع أحد أن يضلَّه . وكقوله : { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا } [ النحل : 99 ] . قال : { ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } وهم المشركون .