Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 46-48)

Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ } . { وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } والفسق هاهنا الشرك . وهو فسق أهل الجهود . وقد فسّرناه في الآية الأولى وفسّرنا أنه فسق فوق فسق وفسق دون فسق . وكذلك الظلم والكفر . قد كان أهل التوراة أُمِروا في القتيل عمداً بالقوَد ، وكأن أهل الإِنجيل أُمِروا بالعفو ، فعاتب الله اليهود والنصارى في هذه الآية بما حرّفوا من كتاب الله ، وهم يشهدون عليه أنه من كتاب الله فكتبوا كتاباً بأيديهم ، ثم أنزل الله القرآن فدعاهم إلى أن يعملوا بما فيه . ومن حكمهم بما أنزل الله في كتابهم أن يتّبعوا محمداً فيما جاء به . قال : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ } يعني التوراة والإِنجيل وإن اختلفت الشرائع فإن الدين واحد . قال : { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً } [ المائدة : 48 ] . قوله : { وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ } ذكروا عن رجل من بني تميم قال : سألت ابن عباس عن قوله : ومهيمناً عليه فقال : ومؤتمناً عليه . ذكروا عن عبد الله بن الزبير قال : المهيمن القاضي على ما قبله من الكتب . وتفسير الكلبي : ومهيمناً عليه ، أي : شهيداً عليه . وذكر بعضهم قال : مهيمناً عليه ، أي : أميناً عليه وشاهداً على الكتب التي قد خلت قبله . قوله : { فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الحَقِّ } . قال الحسن ورجل من أهل العلم ؛ قال أحدهما : يخلّى بينهم وبين حكامهم فإذا ارتفعوا إلينا حكمنا عليهم بما في كتابنا ، وقال الآخر : بما في كتابهم . ذكر جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم رجلاً من اليهود وامرأة زنيا وقال لليهود : " نحن نحكم عليكم اليوم " ذكر بعضهم قال : ذكر لنا أن نبي الله لما نزلت هذه الآية : { يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا } … إلى آخر الآية قال : " نحكم اليوم على اليهود وعلى من سواهم من أهل الأديان " . ذكر محمد بن سيرين " أن رجلاً من اليهود زنى وهو محصن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعالوا نحكم عليهم بما في كتابهم إذ ضيّعوه " . قوله : { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً } . ذكروا عن رجل من بني تميم قال : سألت ابن عباس عن قول الله تعالى : { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً } . قال : شرعة ومنهاجاً : سبيلاً وسنة . وهو تفسير مجاهد . وتفسير مجاهد : الشرعة السنة والمنهاج السبيل . ذكروا عن بعضهم أنه قال : شرعة ومنهاجاً : سبيلاً وسنة . والشرائع مختلفة ؛ للتوراة شريعة ، وللإِنجيل شريعة ، وللقرآن شريعة ، يُحلّ الله ما يشاء ويحرّم ما يشاء ليعلم من يطيعه ممن يعصيه ، ولكن الدين واحد لا يقبل الله إلا الوفاء والإِخلاص والتوحيد له . قوله : { وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } أي ملّة واحدة { وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا ءَاتَاكُمْ } . أي ليختبركم فيما أعطاكم من الكتب والسنن . وقال الحسن : ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ، أي على الهدى ، كقوله : { وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الهُدَى } [ الأنعام : 35 ] . وقال : { فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ } أي في وجهتكم { إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } .