Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 52-54)

Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } يعني المنافقين { يُسَارِعُونَ فِيهِمْ } أي في أهل الكتاب ، أي يسارعون في مودتهم ونصيحتهم { يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ } لليهود فينصروا علينا ، فنكون قد اتخذنا بيننا وبينهم مودة . قال الله : { فَعَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ } أي علي أهل الكتابين { أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ } يقول : فيباين المنافقون بنفاقهم فيقتلون . { فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ } أي على ما أسروا في أنفسَهم من موادتهم لليهود ومِن غشِّهم للإِسلام { نَادِمِينَ } . وهم أناس من اليهود كانوا يوادّون اليهود ويناصحونهم دون المؤمنين . قال الله : فعسى الله أن يأتي بالفتح ، أي : بالفصل . وقال مجاهد : { نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ } أي : نخشى أن تكون الدائرة لليهود . قال الله فعسى الله أن يأتي بالفتح حينئذ . وفي تفسير الكلبي في هذه الآية : إنها نزلت وقد علم الله أن المؤمنين برآء من ولاية اليهود والنصارى . قال : { فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } يعني المنافقين { يُسَارِعُونَ فِيهِمْ } أي في مودة اليهود ، فجاء الله بالفتح فنصر نبيَّه ، وجاء أمر الله من عنده ، فأجلى بني النضير ، وقتل بني قريظة وسبى ذراريهم ، فندم المنافقون حين باينُوا بنفاقهم وأظهروه للمؤمنين . ولما أجلى بني النضير وأجلى أهل ودّهم عن أرضهم فعند ذلك قال الذين آمنوا بعضهم لبعض : { أَهَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ } . قوله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّة عَلَى الكَافِرِينَ } . هو كقوله : { أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } [ الفتح : 29 ] { يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } . قال بعضهم : أنزل الله هذه الآية وقد علم أنه سيرتد مرتدون . فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتد الناس عن الإِسلام إلا أهل ثلاثة مساجد ، مسجد المدينة ومسجد مكة ومسجد جواثا من عبد القيس من البحرين فقالوا : أما الصلاة فنصلّي وأما الزكاة فوالله لا نعطي أموالنا . فكُلِّم أبو بكر أن يتجاوز عنهم وأن يخلّي عنهم وقيل له : إنهم لو قد فُقِّهوا أعطوا الزكاة طائعين . فأبى أبو بكر وقال : لا أفرِّق بين اثنين جمع بينهما الله وجمع بينهما رسوله : الصلاة والزكاة ، والله لو منعوني عِقَالاً مما فرض الله ورسوله لقاتلناهم عليه . وذكروا أن أبا بكر إنما قال : لو منعوني عقالاً مما فرض الله ورسوله أنه من وجب عليه في الزكاة بعير وجب عليه أن يعطي مع البعير عقالاً . فبعث الله عصابة مع أبي بكر فقاتلوا على ما قاتل عليه نبيُّ الله حتى أقروا بالماعون ، وهي الزكاة المفروضة . ثم إن وفود العرب أتوه بعد ذلك فخيّرهم بين حرب مُجْلِية أو خطة مُخْزِية فاختاروا الخطة المخزية ؛ وكانت أهونَ عليهم أن يشهدوا أن قتلاهم في النار وأن قتلى المسلمين في الجنّة ؛ وأن ما أصابوا من مال المسلمين فرَدٌّ عليهم ، وأن ما أصاب المسلمون من أموالهم فهو لهم حلال .