Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 8-10)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُواْ عَنِ النَّجْوَى } وهم اليهود ، نهوا أن يتناجوا بمعصية الله ومعصية الرسول وعن الطعن في دين الله { ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } [ الإِثم : المعصية ، والعدوان : الظلم ] { وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ } . قال تعالى : { وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ } . كانوا يسلمون على النبي عليه السلام وأصحابه فيقولون : السام عليكم . والسام : الموت ، في قول بعضهم ، وتأويله في قول بعضهم : إنكم ستسأمون ، أي : تملون هذا فتدعوه . فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم على حد السلام . فأتاه جبريل فقال : إنهم ليسوا يقولون ذلك على وجه التحية ، فقال النبي عليه السلام لأصحابه : " إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا عليك . أي : عليك ما قلت " . قال تعالى : { وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ } أي : هلا { يُعَذِّبُنَا اللهُ بِمَا نَقُولُ } من السام ، أي : إن كان نبياً فسيعذبنا الله بما نقول . قال الله تعالى : { حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ } . قوله : { يَآ أَيَّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ } [ يعني الذين أقروا بالألسنة ] { إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ } أي : كما صنعت اليهود من هذه النجوى التي ذكروا . قال : { وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } أي : يوم القيامة . { إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَآرِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ } . تفسير الحسن أن رجلاً من المسلمين كان يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستخليه لحاجته ، فكان الشيطان يوقع في قلوب المؤمنين الحزنَ ، يقول : إن صاحبكم هذا إنما خلا برسول الله ليبغّضكم عنده ، قال تعالى : { وَلَيْسَ بِضَآرِّهِمْ } ذلك ، أي الذي وقع في قلوبهم ، { شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ } فأراد أن يعصم المؤمنين ألا يستخلي أحد منهم بالنبي عليه السلام . وقال الكلبي في قوله تعالى : { إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ … } إلى آخر الآية : إن المنافقين كانوا إذا غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعث سرية يتغامزون بالرجل إذا رأوه وعلموا أن له حميماً في الغزو ، فيتناجون وينظرون إليه ، فيقول الرجل : ما هذا إلا لشيء قد بلغهم عن حميمي ، فلا يزال من ذلك في غم وحزن حتى يقدم حميمه . فأنزل الله هذه الآية .