Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 61, Ayat: 1-4)

Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تفسير سورة الصف ، وهي مدنية كلها { بِسْمِ اللهِ الرّحْمَنِ الرَّحِيمِ } قوله تعالى : { سَبِّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ } أي في نقمته { الْحَكِيمُ } في أمره . { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ } قال الحسن : يعني المنافقين . يقول : يا أيها الذين أقروا بألسنتهم ، نسبهم إلى الإِيمان الذي أقروا به وادعوه ، وكانوا يقولون : نجاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا جاء الجهاد تخلفوا عنه وقعدوا . فقال الله : { كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ } . ثم وصف المؤمنين فقال : { إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً } أي يفعلون ما يقولون ويتمون على ما يدعون ، وأنتم أيها المنافقون لا تفعلون ما تقولون وتقولون ما لا تفعلون . وهو كقوله تعالى : { قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا } أي حيث رأوا الأحكام جرت لهم وعليهم . قال الله : { قُلْ } يا محمد { لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَكِنْ قُولُواْ أَسْلَمْنَا } [ الحجرات : 14 ] أي : أقررنا . أي : فأنتم مقرون غير مؤمنين ، لأن الإيمان والإِسلام لا يكونان إلا لمن استكمل فرائض الله وأوفى بها ولم ينقصها . وقال مجاهد : إنها نزلت في نفر من الأنصار منهم عبد الله بن رواحة الأنصاري . قالوا : لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله لعملنا بها حتى نموت ، فأنزل الله فيهم هذه الآية . وقال ابن رواحة : لا أبرح جيشاً في سبيل الله حتى أموت فقتل في سبيل الله . قوله عز وجل : { كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ } ذكر ثبوتهم في صفهم كأنه بنيان قد رُصَّ بعضه إلى بعض . ذكروا عن الأعمش عن أبي صالح عن كعب قال : في التوراة مكتوب : محمد المختار ، لاَ فَظٌّ ولا غليظ ولا صخّاب في الأَسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يغفر ويعفو . أمته الحامدون ، يحمدون الله في كل منزلة ويكبرونه على كل نجد . مناديهم ينادي في جو السماء ، ويتوضأون على أطرافهم ، ويتزرون على أوسطهم ، لهم بالليل دوي كدوي النحل ، صفوفهم في الصلاة والقتال سواء ، مولده بمكة ، وهجرته بطيبة ، وملكه بالشام . ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " رُصُّوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا الأعناق ، فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يتخلل بينكم كأنه الحذَف " . وتفسير الكلبي في قوله : { لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ } قال : بلغنا أن المؤمنين قالوا قبل أن يؤمروا بالقتال : والله لو نعلم أحب الأعمال إلى الله وأرضاها عنده لعملنا بها . فدلهم الله إلى أحب الأعمال إليه فقال تعالى : { إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ } فكره ذلك من كرهه . فأنزل الله هذه الآية { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ } .