Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 65, Ayat: 1-1)
Tafsir: Tafsīr Furāt al-Kūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تفسير سورة الطَّلاق ، وهي مدنية كلها { بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } قوله تعالى : { يَآ أَيُّهَا النَّبِيِّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } يعني النبي وجماعة المؤمنين . قال بعضهم يطلقونها في قُبُل عدتها طاهراً من غير جماع . ذكروا عن الحسن قال : كان الرجل إذا أراد أن يطلق امرأته استقبل طهرها ، ثم دعا شاهدين فأشهدهما على طلاقها واحدة ، وقال لها اعتدّي . ثم يلوم نفسه فيما بينه وبين انقضاء عدتها . فإن كان له بها حاجة دعا شاهدين فأشهدهما أنه قد راجعها ، وإن لم تكن له بها حاجة تركها حتى تنقضي عدتها ، فإن ندم كان خاطباً مع الخطاب . وبلغنا عن ابن مسعود نحو ذلك . ذكروا عن الحسن وابن سيرين قالا : كان يقال : من طلق طلاق السنة لم يندم على امرأة فارقها ؛ يقولان : ينبغي له أن يطلق امرأته واحدة ، ولا يطلقها ثلاثاً . ذكر بعضهم أن النبي عليه السلام طلق حفصة تطليقة ؛ فأتاه جبريل عليه السلام فقال له : راجعها فإنها صوّامة قوّامة ، فهي زوجتك في الجنة ، فراجَعَها . قال بعضهم : طلاق السنة أن يطلق الرجل امرأته في قُبُل عدتها طاهراً من غير جماع تطليقة واحدة ، ثم يدعها . فإن شاء راجعها قبل أن تغتسل من الحيضة الثالثة . فإن شاء أن يطلقها ثلاثاً طلقها أخرى قُبُلَ عدتها طاهراً من غير جماع ، ثم يدعها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها ، ثم لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره . ذكروا عن نافع عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض ، فسأل عمر النبي عليه السلام فقال له : مره أن يراجعها ثم يمسكها حتى تطهر من حيضة سوى الحيضة التي طلقها فيها ، فإذا طهرت فإن شاء أمسكها وإن شاء طلقها فإن أراد أن يطلقها فلا يقعن عليها عند طهرها فإن هذه العدة التي امر الله بها . قال بعضهم : فإن ابن عمر طلق امرأته واحدة . ذكروا عن يونس بن جبير قال : قلت لابن عمر : رجل طلق امرأته وهي حائض . قال : أتعرف عبد الله بن عمر ؟ قلت : نعم . قال : فإنه طلق امرأته وهي حائض . فأتى عمر النبيَّ عليه السلام فأخبره ، فأمره أن يراجعها . فإن بدا له في طلاقها طلّقها قُبُلَ عدّتها ، أي : قبل طهرها . قلت : أفتعتد بتلك التطليقة ؟ قال : أرأيت إن عجل واسْتَمْحَق ؟ . ذكروا عن عبد الله بن دينار قال : سمعت ابن عمر يقرأ هذا الحرف : { فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ } . ذكروا عن الحسن قال : الرجل لا يستأذن على مطلقته ، ولكن يضرب برجله وينحنح . وقال بعضهم : يتنحنح ويسلم ولا يستأذن عليها ، وتتشوف له وتتصنع ، ولا يرى لها رأساً ولا بطناً ولا رجلاً ، ولكن ينام معها في البيت . ذكروا عن علي قال : يستأذن الرجل على كل امرأة إلا امرأته . ذكر بعضهم قال : التي لم تحض ، والتي قعدت عن المحيض تطلق عند كل شهر عند الهلال . ذكروا عن جابر بن عبد الله في الحبلى يريد زوجها أن يطلقها فقال : لا أراها تحيض فتعتَدّ ، ولو كنت مطلقَها فحتى تضع . والعامة تقول : إذا استبان حملها طلقها متى شاء . قال بعضهم في الغائب يطلّق امرأته : إنه يكتب إليها : إذا حضتِ ثم تطهرتِ من محيضِك فاعتدّي . فإن كانت حاملاً فاستبان حملها كتب إليها بطلاقها . وإذا طلقها بعض الطلاق ، وكانت تعتد ، ثم أتبعها طلاقاً ، فإنها تعتد من أول طلاقها . قوله عز وجل : { وَأَحْصُواْ الْعِدَّةَ وَاتََّقُواْ اللهَ رَبَّكُمْ } أي : فلا تطلقوهن في الدم ولا في الطهارة وقد جامعتموهن ، إلا في الطهارة بعد أن يغتسلن من المحيض من قبل أن تجامعوهن . قوله عز وجل : { لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ولاَ يَخْرُجْنَ } لا تخرج من بيتها حتى تنقضي عدتها ، وإن طلقها ثلاثاً في قول العامة . وفي قول ابن عباس والحسن إن شاءت خرجت إذا طلقها ثلاثاً ، وإذا توفي عنها زوجها أيضاً . معنى قولهما : تعتد منه وإن طلقها اثنتين أيضاً . ومعنى قول العامة أنها في المطلقات اللاتي دخل بهن لا يخرجن حتى تنقضي عدتهن . وهذا الخروج ألا تتحول من بيتها . فإن احتاجت إلى الخروج بالنهار لحاجتها خرجت ولا تمسي إلا في بيتها . ذكروا عن فاطمة بنت قيس أنها أتت النبي عليه السلام وقد أَبَتَّ زوجُها طلاقها فقال لا سكنى لك ولا نفقة . ذكروا عن عمر أنه قال : ما كنا لنأخذ بقول امرأة لعلها وهمت ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لها السكنى والنفقة . ذكروا عن ميمون بن مهران قال : سألت ابن المسيب عن أشياء فقال : إنك تسأل سؤال رجل يمتحن ، فهل خالفت في شيء مما سمعت ما سمعت من غيري . قلت : لا ، إلا قولك في المطلقات إنها لا تنتقلن فما بال حديث فاطمة بنت قيس . فقال : ويح تلك المرأة ، كيف فتنت الناس . قلت : إن كان أفتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فما فتنت . قوله عز وجل : { إِلاَّ أَن يَّأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } ذكروا عن نافع عن ابن عمر قال : [ الفاحشة المبيّنة خروجها في عدتها . وقال بعضهم ] : الفاحشة : الزنا ، والمبيّنة أن يشهد عليها أربعة أنها زنت . وكانت المرأة إذا زنت وشهد عليها أربعة أخرجت من بيت زوجها ، وحبست في بيت آخر قبل أن ينزل حد الزاني ، وهو قوله عز وجل : { وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةََ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } [ النساء : 15 ] فنسخ ذلك في هذه الآية : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ } [ النور : 2 ] . وبعضهم يقول : { إِلاَّ أَنْ يَّأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } أي : تزني فتخرج فيقام عليها الحد . وبعضهم يقول : الفاحشة المبيّنة : النشوز البيّن . قوله عز وجل : { وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ } أي : أحكام الله . وقال الكلبي : هذا حد الله ، بيّن فيه طاعته ومعصيته . قوله عز وجل : { وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ } أي يجاوز ما أمر الله به { فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } . قوله عز وجل : { لاَ تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } أي : المراجعة ، رجع إلى أول السورة : { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ الْعِدَّةَ } أي : له الرجعة في التطليقة والتطليقتين ما لم تنقض العدةُ فتغتسل من الحيضة الثالثة إن كانت ممن تحيض ، أو ثلاثةُ أشهر إن كانت ممن لا تحيض ، كبيرة قعدت عن المحيض ، أو صغيرة لم تحض بعد . وكذلك الضهياء التي لا تحيض .