Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 18-18)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ويعْبدُونَ } أى كفار قريش والعرب { مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يضُرُّهم } إن لم يعبدوه { ولا ينْفَعُهم } إن عمدوه ، أو ما لا يضر ولا ينفع مطلقا ، وذلك لأنه جماد لا يقدر على نفع أو ضر كحجارة ونجم ، والشمس والقمر ، ولأنه مخلوق لا ينفع أو يضر إلا بإذن الله كالملائكة ، وكان من العرب من يعبد الملائكة والشِّعرى ، كانت النصرانية فى ربيعة ، وغسان ، وبعض قضاعة ، واليهودية فى نمير ، وكنانة ، وبنى الحارث ابن كعب ، وكندة ، والمجوسية فى تميم ، منهم زرار بن عدى ، وابنه على وتزوج ابنته ثم ندم ، ومنهم الأقرع بن حابس وتمجس ، والزندقة فى قريش أخذوها من الجزيرة ، وكان بنو حنيفة اتخذوا صنماً من حيس وعبدوه دهراً طويلا ، وأدركتهم مجاعة فأكلوه ، والمعبود من شأنه أن يثيب ويعاقب . { ويقُولُون هؤلاء } إشارة إلى العقلاء وهم الملائكة ، وغير العقلاء وهو الأوثان ، وأصله للعقلاء ، ولكن ذلك تغليب ، وقيل المراد بما لا يضرهم ولا ينفعهم الأوثان ، ولفظ هؤلاء قد يشار به إلى غير العقلاء ، ولا سيما إذا نزل منزلة العقلاء كما هنا ، قيل كان أهل الطائف يعبدون اللات ، وحجابها بنو مغيث ، وأهل مكة العزى ، وحجابها بنو شيبة ، ومناة وهبل وأسافاً ونائلة . وقيل كانت العزى لقريش وكنانة ، ومناة للأوس والخزرج ومن دان بدينهم ، وكانوا يقولون هؤلاء { شُفعَاؤنا عِنْد اللهِ } يوم القيامة ، وكانت قريش وغيرهم ربما تخيلت البعث أو المراد أنهم شفعاؤنا يوم القيامة إن كان البعث أمراً صحيحاً ، وعن الحسن تشفع لهم فى زعمهم فى أمر الدنيا ، كقحط ومرض ، وكانوا أنكروا البعث ، والأول قول ابن عباس ، وابن جريج ، وذلك مع شدة بشاعته ، إنما يقوله نبلاؤهم ، وأما غيرهم فأشد ضلالة وتيهاً . وانظر كيف يعبدون ما علموا قطعاً أنه لا يضر ولا ينفع ، وعاينوه كذلك ، وطمعوا فى شفاعته ، وتركوا الخالق لكل شىء مع قطعهم بأنه الضار النافع ، وأنه مالك الأمر القابل للشفاعة ، أو الراد لها ، وذكر بعضهم أنهم توهموا أن عبادة الأوثان أشد فى تعظيم الله من عبادته ، وقالوا ألسنا بأهل أن نعبد الله ، ولكن نشتغل بعبادتها فتشفع لنا عنده ، وعن النظر بن الحارث إذا كان يوم القيامة شفعت لى اللات والعزى . { قُل أتنبِّئونَ } أتخبرون ، وقرئ بإسكان النون وتخفيف الموحدة بعدها { اللهَ بما لا يعْلمُ } متعد لواحد ، أى بما لا يدركه ويخفى عنه وهو الشريك أو الشفيع ، وذلك نفى للملزوم ، وهو وجود الشريك بنفى اللازم ، وهو علم الله ، إذ لو كان لعلمه الله ، وإذا لم يكن معلماً له فليس بموجود ، لأنه العالم بالذات المحيط علمه بجميع الأشياء ، فقط تضمن الكلام أن هؤلاء ليسوا بشفعاء ولا بشركاء ، وجىء به على صورة وجود ذلك ، وعدم علم الله به تهكما بهم وتقريعا . { فى السَّماواتِ ولا فى الأرضِ } حال من الرابط المحذوف ، أى بما لا يعلمه ثابتا فى السماوات ولا فى الأرض ، وفيه تأكيد للنفى ، فإن ما يتأهل للعبادة إما سماوى ، وإما أرضى ، ولا موجود فيهما إلا وهو حادث مقهور مثلهم ، لا يليق أن يشرك به ، وإنما لم جعل يعلم متعديا لاثنين ثانيهما فى السَّماوات ، إذ ليس المراد العلم بأنه فيهما ، بل العلم بأنه موجود فافهم ، وقد يجوز أن يجعل متعديا لاثنين على الكناية بنفى الثانى عن نفى الأول ، كما رأيته فى وجه الحال . { سُبحانهُ وتَعالى عمَّا يشْركُونَ } ما مصدرية أى عن إشراكهم ، أو اسم أى عما يشركونه به ، وذلك استئناف ، وقرأ حمزة والكسائى ، وأبو عبد الرحمن ، هنا ، وفى موضعى النحل ، وفى النمل ، والروم ، تشركون بالفوقية ، وزعم أبو حاتم أن نافعا ، وابن كثير قرأ هنا وفى النمل بالفوقية ، وزعم أبو حاتم أن نافعاً ، وابن كثير قرأها ، وفى النمل بالفوقية وفى رواية والمشهور أنهما قرآ بالتحتية .