Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 26-26)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ للَّذينَ أحْسنُوا } آمنوا وعملوا الصالحات ، لأن من آمن وأصر على معصية لا يسمى محسناً { الحُسْنى } أى المثوبة الحسنى ، جزاء مقابلا لإحسانهم ، كأنه قال حسنة بحسنة { وَزِيادَةٌ } وهى تسع حسنات أخرى وأكثر ، إلى سبعمائة ضعف وأكثر ، كما قال الحسن ، وابن عباس ، أو الحسنى ما يعطونه مضاعفاً فى مقابلة إحسانهم ، والزيادة غير ذلك ، يتفضل الله به . كما روى أيضا عن ابن عباس كقوله { ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله } وقوله { ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله } وقوله { ولدينا مزيد } قال ابن عباس يجزيهم بعملهم ويزيدهم من فضله ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن أهل الجنة لا يزالون متعجبين مما هم فيه ، حتى يُفتح لهم باب المزيد ، فإذا فتح لهم كان لا يأتيهم منه شىء إلا كان أحسن مما فى جنتهم " قال جابر بن زيد سئل ابن عباس عن قوله تعالى { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } فقال غرفة من لؤلؤة واحدة ، لها أربعة أبواب ، روى ابن عباس ، عن منصور بن المعتمر ، عن الحكم ، عن عيينة ، عن على . وقال مجاهد الزيادة مغفرة ورضوان ، والحسنى جزاء حسناتهم ، وقال ابن زيد الحسنى الجنة ، والزيادة ما أعطاهم فى الدنيا لم يحاسبهم ، والذى يظهر لى من الآية هو الوجه الأول ، لموافقته آيتى زيادة المذكورتين ونحوهما ، ويليه الوجه الثانى ، ويدل لهما المقابلة بقوله { جزاء سيئة بمثلها } ولا مانع مما سواها من تلك الأقوال ، ولا من قول يزيد بن شجرة الزيادة أن تمر السحابة فتقول ما تريدون أن أمطركم ؟ فلا يريدون شيئا إلا أمطرته ، وهو داخل فى بعض تلك الأقوال ، ولا مانع من حمل الآية على ذلك كله . وزعم قومنا أن الزيادة رؤية الله سبحانه ، فتراهم قبحهم الله متى سمعوا بذكر شىء قريب أو بعيد من الذى بنوا عليه اعتقادهم ، ذهبت إليه أهواءهم ، وتعسفوا إليه تعسفا شديدا ، واستخرجوه منه إخراجاً قبيحا ، وكذبوا عليه هم أو سلفهم أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو عن الصحابة عنه ، ينبئ القرآن عن أنها لم تصح عنه كقوله { لا تدركه الأبصار } وقد علموا أنهم يلزمهم التشبيه ، فكانوا يقولون يرى من غير تشبيه ولا إحاطه ، فكلامهم لو عقلوا متناقض ، إذ لا تثبت الرؤية بوجه ما إلاَّ وقد ثبت التشبيه فى التحيز والإدراك وغيره ، فلهذا تعين حمل { إلى ربها ناظرة } على معنى انتظار رحمته . وأما ما زعم بعض أن أل للحسنى للعهد ، والمعهود دار السلام وهى الجنة ، وأنه يلزم بذلك أن تكون الزيادة أمراً مغايرا لكل ما فى الجنة ، فعلى تسليم العهد فيه ، فلا مانع من زيادة أمر فى الجنة لم يكن فيها ، فهو مغاير لكل ما رأوا فيها قبل ذلك ، وأيضا مغفرته غير ما فيها ورضاه كذلك ، ودوامها كذلك ، فإن دوام الجنة غير الجنة ، ولا مانع من تفسير الزيادة به ، بل لا دليل على العهد ، ولا مقوى له لاختلاف لفظ الدار ، ولفظ الحسنى ، فإن العهد الذكرى ولو كان يجئ أيضا مع اختلاف اللفظ ، لكن يتعين أو يتقوى مع اتفاقه ، ولا مانع من كون أل للحسنى للجنس أو للحقيقة ، والأمر سهل ، سواء حملت على العهد أو الجنس أو الحقيقة . وقد اختلفوا فيما احتمل أن المعرف العهدية أو الجنسية ، فقيل يحمل على العهدية وهو مذهب عمار ، وقيل على الجنسية ، واختار بعضنا الأول ، لكن حيث لا مانع ولا مضعف ، والأصل فى الزيادة أن تكون من جنس المزيد عليه ، فإذا كانوا فيها فى مقدرة لهم ومعينة ، فيكون ما يزاد على ذلك القدر الذى هم فيه هو المراد بالزيادة ، ولئن قلنا إنها غير مقدرة لتكون الزيادة من غير جنسها لنقولن الزيادة المغفرة أو الرضا أو الدوام ، أو ما فى الدنيا ، وكل ذلك ليس من جنس الجنة ، ولو كان ما فى الدنيا يمثل به لما فى الجنة ، ولا يقال إن المفسر للرؤية مثبت ، والمفسر بغيرها ناف ، والمثبت مقدم على النافى ، لأنا نقول ليس أحدهما أولى باسم المثبت أو النافى عن الآخر ، لأن كلا منهما مثبت لما يقول ، ونافٍ لما يقول الآخر ، وكما أثبت المفسر بالرؤية أحاديث لها ، قد أثبت الآخر أحاديث تبين أن تلك أكاذيب ، وإنما يقدم المثبت إذا لم يتبين كذبه . { ولا يرْهَقُ } لا يغشى ، وعن بعضهم الرهق أن يغشى شىء شيئا على غلبة وتضييق { وُجوهَهُم قَترٌ } غبار مسودّ ، وقرأ الحسن ، وعيسى بن عمرو ، والأعمش ، وأبو رجاء بإسكان التاء ، وهو لغة لا تخفيف ، لأن فعل كجبل وعسل لا يخفف إلا ضرورة { ولا ذلةٌ } ذلّ وهو أن ذكر الله سبحانه لهم أنهم ينجوا مما لا ينجوا منه أهل النار ، أو والمراد أنهم لا يرهقهم ما يكون به القتر والذلة من كآبة وكسوف . { أولئكَ أصْحاب الجنَّة هُم فيها خَالدُونَ } بخلاف الدنيا ، فإنها تنقرض هى وما فيها .