Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 27-27)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ والَّذينَ } عطف على الذين { كسبوا السَّيئات } عملوا كبائر شرك أو نفاق ، فهو شامل لغير المشرك ، والمشرك كما مر أن من أصر على معصية غير داخل فى الذين أحسنوا ، فليدخل هنا ، ولا مانع من حملنا هنا على المشركين ، واستفاد من الآى الأخر ، والأحاديث ، أن المنافقين مثلهم { جزاءُ سيئةٍ بمِثْلها } عطف على الحسنى ، فيكون ذلك من عطف معمولين على معمولى عاملين مختلفين ، أحدهما جار ، فكأنه قيل وللذين كسبوا السيئات جزاء سيئة ، وبمثلها نعت لسيئة ، أو متعلق بجزاء . ومعنى جزاء السيئة مقابلتها ، والجزاء عليها ، وجواز ذلك العطف مذهب الأخفش ، والكسائى والفراء ، والزجاج ومنعه سيبويه ، والمبرد ، وابن السراج ، وهشام . وقال قوم منهم الأعلم بالجواز أن والى المحفوظ العاطفة كالآية على ذلك التخريج ، وكقولك فى الدار عمرو والحجرة بكر ، بجر الحجرة ورفع بكر إن لم يله نحو فى الدار زيد وعمرو الحجرة بجر الحجرة لعدم وروده ، وعدم تعادل المتعاطفات ، وإن كان أحد العاملين غير جار ، فقال ابن مالك يمنع إجماعا نحو كان أكلا طعامك عمرو وتمرك بكر ، فإن طعامك معمول لأكلا ، وعمر ومعمول لكان ، ونقل الفارسى الجواز عن جماعة قيل منهم الأخفش ، وهذه الجماعة والأخفش تجيزه إذا كان أحد العاملين جارا متأخرا أيضا نحو زيد فى الدار والحجرة عمرو ، وليس كما قال المهدوى إنه إذا كان أحدهما جارا متأخرا يمنع إجماعا . ويجوز أن يكون الذين مبتدأ على حذف مضاف خبره جزاء ، وجزاء الذين كسبوا الخ ، أو خبره { كأنما أغشيت وجوههم } أو { أولئك أصحاب النار } وعليهما فما بين ذلك معترض فيكون جزاء مبتدأ خبر محذوف ، أى واقع بمثلها ، أو مقدر بمثلها ، أو مذكور وهو مثل على أن الباء زائدة . { وترْهقُهم ذِلَّةٌ } وقرء بالمثنات التحتية للفصل ، وظهور الفاعل المجازى التأنيث { مَا لَهم مِنَ اللهِ } من متعلق بعاصم بعده { مِنْ } صلة للتأكيد { عَاصمٍ } مانع ، أى ما لهم عن سخط الله وعذابه ، أو من الأولى متعلقة بمحذوف حال من ضمير الاستقرار فى لهم ، على أن عاصم مبتدأ ، ولهم خبر ، أو بمحذوف حال من عاصم على أنه فاعل للظرف ، لاعتماده على النفى ، على هذين الوجهين يكون المعنى ليس لهم عند الله عاصم ، كما أن للمؤمنين عنده عاصم وهو الملائكة ، أو عملهم الحسن ، أو توفيق الله سبحانه وتعالى . { كأنَّما أغْشِيتْ وجُوهُهم قِطَعاً } مفعول ثان ، والأول نائب الفاعل ، وذلك أن أغشى تعدى إلى اثنين بالهمزة ، أى جعلت القطع غاشية وجوههم ، والمعنى كسيت وجوههم قطعا ، والقطع جمع قطعة وهى الجزء من الليل ، وقرأ ابن كثير والكسائى ويعقوب بإسكان الطاء { مِنَ اللَّيل } نعت قطع { مُظْلماً } حال من الليل ، أى قطعا ثابتة من الليل مظلما ، فناصب قطعا أغشيت ، وناصب ثابتة أغشيت أيضا ، لأن العامل فى المنعوت هو العامل فى النعت ، وناصب محل الليل ثابتة ، أو من الليل بنيابته عن ثابتة ، وعلى إسكان الطاء فمظلما نعت قطعا أو حال منه بوصفه أو من ضميره فى قوله { من الليل } والقطع بإسكان مفرد بمعنى المقطوع كالقطعة ، أو جمع كسدرة وسدر ، وباب كلم وسدر وشجر يجوز فيه الإفراد والتنكير . وقرأ أبىّ كأنما يغشى بفتح الياء والشين ، وجوههم بالنصب قطع بالرفع وإسكان الطاء من الليل ، مظلم بالرفع على أنه نعت قطع ، وكذا قرأ ابن أبى عبلة إلا أنه يتخطى ، وإنما وصف الجمع وهو القطع بفتح الطاء ، بمفرد ، لأنه ملحق بباب سدرة وسدر ، وكلمة وكلم ، وشجرة وشجر ونحو ذلك . وهو يجوز فيه الوصف بالمفرد المذكر ، مع أنه جمع أو اسم ، ولو لم يكن من ذلك الباب ، والمراد القطع من سواد الليل ، كان وجه كل واحد عليه قطع متراكمة من سواد الليل ، بعضها فوق بعض ، قال الحسن لم يخلق الله شيئاً أشد من سواد الليل . { أولئِكَ أصْحابُ النَّار هُم فيها خَالدُونَ } لا انقطاع لها ولا لهم عنها .