Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 54-54)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ولَوْ أنَّ لِكلِّ نَفْسٍ } أى ولو ثبت أن لكل نفس ، وفيه أوجه ذكرتها فى غير هذه الآية ، والأصح عندى هذا { ظَلَمتْ } نعت نفس ، بشرك أو نفاق ، أو تعد على الغير { ما فى الأرْضِ } من الأموال والمنافع المتملكة وغير المتملكة ، كالمعادن والكنوز الخفية ، أو فيها كله من مال وحجر ، وشجر ومدر وتراب ، وغير ذلك ، بأن يجعل ذلك كله مالا . { لافْتَدتْ بهِ } لسمحت به ولم تبخل ، وجعلته فدية من جزاء لظلمها ، ولا يقبل عنها ، يقال افتدأ من كذا أى تخلص عنه بشئ ، وهذا هو المراد فى الآية ، والله أعلم على ما ظهر لى ، وليس كما قيل إنه من افتدأ بمعنى فداه ، لأن هذه المادة ليس مما يعمل فى ضميرين متصلين لمسمى واحد . { وأسرُّوا } أى هؤلاء المعبر عنه بكل نفس أى أخفوا { النَّدامة } رؤساؤهم وأتباعهم { لمَّا رَأوا العَذابَ } الشديد الذى لم يخطر ببالهم السالب لقواهم ، الباهر لهم ، حتى أنهم لا يطيقون عند رؤيته بكاء ولا صراخا ولا نطقا ، كما ترى المقدم للقتل جامدا مبهوتا . يقال إذا تناهى الغم انقطع الدمع ، وقيل أسر الرؤساء الندامة عن الأتباع خوفا من تعبيرهم وتوبيخهم ، وهو ضعيف ، إذ ليس ذلك اليوم يوم تصبر وتصنع ، وليس بباق فيه ما يراعون به تعبير هؤلاء وتوبيخهم ، ولذلك قال بعضهم أسروا بمعنى أظهروا ، وهذا إن كان لغة مسموعة فذاك ، وإلا فتوجيهه أن أفعل يكون للسلب ، كأقرد بمعنى أزال القراد ، وأعتب بمعنى أزال العتب على ما بسطته فى التصريف ، فكأنه قيل أزالوا السر أى أظهروه ، وقيل أسروا الندامة بمعنى أخلصوها ، أى توبتهم خالصة ، وذلك أن إخفاء العمل الصالح فى الجملة من إخلاصه ، أو أن العرب يعبرون عن الخالص بالسر ، من حيث إنه يخفى ويبخل به ، يقال سر الشئ كذا أى خالصه ، والكلام على هذا القول بوجهيه تهكم بهم وبأخطائهم فى إخلاص الندامة فى غير وقتها . { وقُضِى بيْنَهم } بين هؤلاء الظلمة ، إذ من جملة ظلمهم تعدى بعض على بعض ، فيؤخذ من الظالم للمظلوم ، أو القضاء بينهم هو الجعل كل فى دركته التى استوجبها عمله اعتقاده ، هذا ما ظهر لى ، وقيل بين الظالمين والمظلومين ، ويدل له قوله { وهم لا يظلمون } فيما قال القاضى ، ووجه الدلالة عندى أن فيه تعريضا بأن لا نظلمكم ، كما كان بعضكم يظلم بعضا ، والله أعلم . وقيل بين المؤمنين والكافرين ، وقيل بين الرؤساء والأتباع ، وقيل بين الخلق ، ومن فسر هذه بالقضاء بين المؤمنين والكافرين لم يفسر تلك بها لئلا يلزم التكرار ، والتعبر بالماضى هنا ، وفى أسروا وبلوا التى هى حرف شرط فى مضى لوجوب الوقوع . { بالقِسْطِ } العدل { وهُم لا يُظْلمونَ } فى القضاء .