Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 5-5)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ هُو الَّذى جَعَل الشَّمسَ ضِياءً } أى ذات ضياء ، أو سماها ضياء مبالغة وهو مصدر ضاء يضىء ، كقام يقوم قياما ، أو جمع ضوء كسوط وسياط ، قلبت الواو ياء لتقدم الكسرة عليها ، وقرأ ابن كثير فى رواية قنبل هنا ، وفى الأنبياء والقصص ضئاء بهمزة قبل الألف وأخرى بعدها ، ووجهه أنه قلب الكلمة قلبا مكانياً فكانت الهمزة هى التى لام الكلمة قبل الألف فى موضع العين ، والباء التى هى بدل من عين الكلمة التى هى الواو بعد الألف ، فلما تطرفت بعد ألف زائد قلبت همزة ، كذا يظهر لى فى توجيه هذه القراءة ، ثم رأيت بعضه لبعض والحمد لله . وقيل أخر الواو عن الألف وقلبها همزة ، وقيل قلبت همزة لوقوعها بين ألفين ، ألف الضياء ، والألف المبدل عن التنوين فى الوقف وهو ضعيف ، وقال الفارسى هذه القراءة غلط . { والقَمَر نُوراً } أى ذا نور ، أو سماه نوراً مبالغة ، والضياء أقوى من النور ، ولذلك نسب الضياء للشمس ، والنور للقمر ، وإنما وصف الله نفسه بالنور فى قوله { الله نور السماوات والأرض } لأنه شبه هداه الذى يهتدى به قوم ، ويضل عنه آخرون بالنور فى الليل ، ولو شبهه بالضياء لكان مقتضاه أن لا يضل عنه أحد ، إذ كان كالشمس ، وقيل النور أعم ، وقيل الضياء نفس الشىء الذى له شعاع ، كجرم الشمس ، وجرم النار ، والنور الشعاع الواقع بالعَرَض على نحو الأرض والجبل ، وعلى جرم القمر ، فإن جرمه لا شعاع له ، وإنما شعاعه واقع عليه من الشمس ، فالآية كالدليل على أن نوره بالعرض لا بالذات ، والحق عندى أن الشعاع عَرَض لا جسم . { وقَدَّرهُ } أى قدر القمر { مَنازلَ } أى ذا منازل ، فمنازل حال ، أو مفعول ثان على تضمين قدر معنى صبراً أو قدر له منازل ، فحذف الجار ، أو قدر مسير منازل ، على أن المسير اسم مكان السير لا مصدر ، والمنازل ظرف كذا قيل ، ويرده أن المنازل لا ينصب على الظرفية إلا بعامل من لفظه ومعناه ، كرميت مرمى زيد ، وقعدت مقعده ، لأنه ظرف ميمى ، وأما أن يجعل المنازل مصدراً ميميا فلا يزول الإشكال به ، لأنه كما لم يكن القمر نفس المنازل ، لم يكن السير نفسها . وخص القمر بذكر تقدير المنازل ، مع أن الشمس مقدرة كذلك ، ومنازلهما واحدة ، لسرعة مسيره ومعاينة منازله ، وإناطة أحكام الشرع به ، وبه يعرف انقضاء الشهور والسنين ، فإن الشهور المعتبرة فى الشرع مبنية على رؤية الأهلَّة ، والمعتبر فيه السنة القمرية ، وهى التى تعرفها العرب ، ويجرى حسابهم على ذلك ، ولذلك علله بقوله { لتعْلَموا عَددَ السِّنينَ و } تعلموا { الحِسابَ } حساب الشهور والأيام ، والليالى والساعات ، ونقصها وزيدها أو الهاء للكل ، أى وقدر كلا من الشمس والقمر منازل ، أو للمذكور وهو الشمس والقمر ، قيل أو أريدا معاً ، لكن اجتزئ بذكر واحد ، والمنازل ثمانية وعشرون منزلاً ، فى ثمان وعشرين ليلة من كل شهر ، ويستتر القمر ليلتين إن كان الشهر من ثلاثين ، وليلة إن كان من تسعة وعشرين ، وتأتى فى سورة يس إن شاء الله تعالى . { ما خَلَق الله ذَلِك } المذكور { إلا بالحقِّ } إلا ملتبساً بالحق ، مراعيا فيه مقتضى الحكمة البالغة ، كإظهار الدلائل على قدرته ووحدانيته ، والرفق بكم فى معاملتكم وتصرفاتكم { نُفصِّلُ } وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، ويعقوب ، وعاصم فى رواية حفص بالمثناة من تحت ، وروى بالنون عن ابن كثير وعاصم أيضاً { الآياتِ } نبينها { لقَومٍ يعْلمُونَ } خصهم بالذكر لأنهم المنتفعون بها .