Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 61-61)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ومَا } نافية { تَكُونُ } يا محمد { فى شأنٍ } بهمز ساكنة ، وقرأ بألف أى لا تكون فى أمر من الأمور عظيم أو غير عظيم ، وقيل لا يطلق إلا على الأمر العظيم ، وقيل المراد هنا من الآخرة ، وعليه ابن العباس ، وقال الحسن أمر الدنيا ، وأصله شأنت شأن زيد أى قصدت قصده ، وقد قال بعض إنه فى الآية مصدر على هذا الأصل . { ومَا } نافية { تَتْلوا منْهُ } أى من شأن متعلق بمحذوف وحال من قرآن لتقدمه ولتقدم النفى { مِنْ } صلة للتأكيد { قُرآنٍ } مفعول تتلو ، ومن الأولى للتبعيض ، وذلك أن من جملة الشأن القرآن ، بل هو معظمه ، فيكون ذكره بعد تعميم الشأن تشريفا له بتخصيصه بالذكر ، والمراد بقرآن ، بعض القرآن ، فإن لفظ القرآن يطلق على كله وبعضه . ويجوز كون من الأولى تعليلية أى وما تتلوا قرآنا لشأن ، ويجوز كون من الأولى أيضا ابتدائية متعلقة بتتلوا ، فإن التلاوة من الشئ جلب منه ، ومن زعم أن من التبعيضية اسم مضاف ، أو أنها وما بعدها نائبان عن اسم ، أجاز أن يكون من الثانية تبعيضية مفعولا وحدها ، أو مع ما بعدها لتتلوا ، وقيل الهاء للقرآن أضمر له ، قيل ذكره تفخيما له ، أو أضمر له لتقدمه فى قوله سبحانه وتعالى { قل بفضل الله وبرحمته } وقد مر أن القرآن يطلق على البعض أيضا ، فمن الأولى تبعيضية متعلقة بمحذوف حال من قرآن ، أو ابتدائية متعلقة بتتلوا ، والثانية صلة للتأكيد ، وقيل الضمير لله سبحانه وتعالى ، فمن الأولى أيضا تبعيضية متعلقة بمحذوف حال من قرآن ، أو ابتدائية متعلقة بتتلوا ، والثانية صلة . { ولا تعْملُونَ مِنْ عَملٍ } خطاب للأمة بما يتناول الأمر العظيم وغير العظيم ، بعد تخصيص رئيسها صلى الله عليه وسلم بالخطاب المتناول لذلك ، أو للأمر فقط على ما مر ، ويجوز أن يكون الخطابان الأولان شاملين معنى للأمة ، ولو كان اللفظ لرئيسها ، كما تخاطب الرعية بخطاب رئيسها ، ويدل لذلك هذا الخطاب الثالث ، وعمل مصدر على معنى الحدث ، أو مفعول به على معنى المعمول أو على تضمين تعملون معنى توقعون . { إلاَّ كنَّا عليْكُم شُهوداً } رقباء ، والمراد الله أو هو وملائكته { إذْ تفيضُونَ فيه } تشوعون ، وأصل الإفاضة الاندفاع ، وأجاز بعضهم كون همزة أفاض للتعدية ، فالمفعول محذوف ، أى تفيضون أنفسكم وهو غير محتاج إليه ، وتكلف وضعيف . { وما يعْزُبُ } وقرأ الكسائى هنا وفى سبأ ، وابن وثاب ، والأعمش ، وطلحة بن مصرف بكسر الزاى ، قال أبو حاتم هو لغة أى وما يبعد وما يغيب { عَنْ ربِّكَ مِنْ } صلة للتأكيد { مِثْقالِ } فاعل أى وزن { ذَرَّةٍ } النملة الصغيرة جداً ، أو حبة هباء ، مثل بذلك لأنه مما ظهر صغره . { فى الأرْضِ } قدمها هنا ، لأن الكلام فى حال أهلها ، وأنه لا يخفى من عملهم شئ ، فهو مجازيهم على أعمالهم ، وذلك بالنظر للذكر ، وإلا قالوا ولا تفيد الترتيب ، بل هى عند عدم القرينة كالآتيان بالتثنية . { ولا فى السَّماءِ } خصهما لأن العامة لا تعرف يومئذ سواهما ، ولو عرفت العامة اليوم سواهما ، والمراد بذلك البرهان على إحاطة علمه تعالى بكل ما عملوا . { ولا أصْغَر مِنْ ذَلكَ } مثقال أو المذكور من الذرة ، وقدم المصغر والأصغر ، لأنه إذا علمهما فأحرى أن يعلم غيرهما { ولا أكبرَ } أى كبير ، لأن مثقالها غير كبير ، فضلا عن أن يقال ولا أكبر منه ، فأكبر خارج عن معنى التفضيل ، ويجوز بقاؤه عليه ، فتقدر من التفضيلية ، أى ولا أكبر منه ، فإن مثقالها كبير بالنسبة إلى ما دونه كذا ظهر لى ، والفتحة فى أصغر وأكبر نائبة عن الكسر للعطف على لفظ مثقال ، وقرأ حمزة برفعهما عطفا على التقدير . { إلاَّ فى كِتابٍ مُبينٍ } اللوح المحفوظ ، أو فى علم الله ، والمبين الظاهر أو المظهر لما فيه ، والاستثناء منقطع أى لكن جميع الأشياء فى الكتاب المبين ، ويجوز أن يكون أصغر بالفتح اسما للا ، وأكبر اسما للا الثانية ، وما بعد الأخير لإحداهما ويقدر مثله للأخرى ، أو أكبر معطوف على أصغر ، ففتحته إعراب على هذا ، لأن أصغر على جعله اسما للا معرب لعمله فى المجرور ، فالخبر للا الأولى ، وأن يكون أصغر بالرفع مبتدأ وأكبر بالرفع معطوف عليه ، والخبر ما بعد إلا ، وعلى هذه الأوجه يكون الكلام مستأنفا يوصف على ما قبله مقرر لمقابله ، والاستثناء متصلا ، ولو جعلناه متصلا على الوجه الأول الذى هو العطف على مثقال لكان المعنى إنما فى الكتاب يعرف عنه وهو فاسد ، وكذا إن جعلنا متصلا ، وجعلنا العطف على ذرة . ويجوز أن يكون متصلا على معنى إنما أيخرج عن ربك إلى الوجود من مثقال ذرة الخ ، إلا وهو فى كتاب مبين ، ويقوى العطف على مثقال أنه لم يقرأ أحد فى سبأ إلا بالرفع ، إذ لم يكن حافظا ، وأجيز أن يكون لا عاملة عمل ليس فى قراءة الرفع ، وخبرها محذوف ، أى يعزب ذكر بعض ذلك ابن هشام .