Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 3-3)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَأن } مصدرية أو مفسرة مثل ما مر ، والعطف على أن لا تعبدوا ، وهذا يؤيد كون أن مفسرة فى أن لا تعبدوا ، ولا ناهية لأن قوله { اسْتغفِرُوا } فيناسب النهى { ربَّكُم } من ذنوبكم كالشرك وغيره ، واطلبوا غفرانها ، وذلك بالإيمان . { ثمَّ تُوبُوا إليهِ } ارجعوا إليه بالندم ، والعزم على عدم الرجوع إلى الذنوب ، وبالطاعة ، وثم لتفاوت ما بين الأمرين ، وقال الفراء بمعنى الواو ، وإن قلنا إن المعنى ثم توصلوا إلى مطلوبكم بالتوبة فهى على بابها ، وكذا إن قلنا توبوا إليه بالطاعة ، كذلك قيل ، والذى عندى أنها ليست على أصلها إلا على هذا الوجه الأخير ، لأن المشرك كثيرا ما يسلم فى وقت لا فرض فيه ، ثم يأتى فرض مثل أن يسلم عند طلوع الشمس فلا فرض حتى الزوال ، فيجب الظهر . { يُمتِّعكم مَتاعاً } اسم مصدر بمعنى التمتيع { حَسناً } قيل يحييكم فى سعة وأمن ، وربما ضاقت معيشة المؤمن رفعا لدرجته ، أو تكفيراً لسيئاته ، قلت والذى عندى أن يفسر المتاع الحسن بطيب الحياة والأمن ، فإنه شامل لهذا الذى ضاقت معيشته ، لأن حياته مع ذلك حسنة ، لأنه راض عن الله فى جميع أحواله ، ولأنه مكتسب فى حياته الفوز الدائم ، وفرح به وبالتقرب ، وأداء الفرض ، فلا منافاة بين الآية وحاله ، ولا بينها وبين قوله صلى الله عليه وسلم " فالدنيا سجن المؤمن " مع أن لهذا الحديث مخرجا آخر ، وهو أنها سجنه بالنسبة إلى ما له فى الآخرة ، كما أنها جنة الكافر بالنسبة إلى ما له فى الآخرة ، ويدل لتفسيرى المذكور قول بعض إن العيش الحسن هو الرضا بالميسور ، والصبر على المقدور ، وأما الأمن فموجود عند المؤمن ، لأنه إنما يخاف من الله فقط وإياه يرجو . { إلى أجلٍ مُسمًّى } هو حين الموت ، ويجوز أن يكون المعنى يحييكم ولا يستأصلكم بالعذاب ، واعلم أن الرزق ، والأجل وغيرهما لا تزيد عما قضى الله فى الأزل ، ولا تنقص ، وأما الآية وما ورد من أن كذا يزيد فى العمر أو فى الرزق ، أو ينقص منهما ، فمعناهما أن الله سبحانه وتعالى قضى فى الأزل بأن فلانا يطول أجله أو يقصر ، ويكثر رزقه أو يقتر ، لأنه يعمل كذا ويترك كذا ، فأمر الناس كلهم بالعمل والترك على طريق الكسب ، كما أمرهم بالعمل والترك ، ودخول الجنة ، مع أن منهم من قضى بأنه لا يدخلها ، وأما ما تخرج به كثير من المتفقهة من أن المراد بالزيادة أو النقص البركة وعدمها ، فلا يصح ، لأن البركة وعدمها قد حف بها القلم أيضا ، وأن المراد أن كذا وكذا خلقه لفلان سببا للبركة وعدمها . { ويُؤتِ كُلَّ ذى فَضْلٍ } عمل صالح { فَضْله } أى جزاء عمله الصالح فى الدنيا والآخرة ، أو الهاء لله سبحانه وتعالى ، أى يؤت الله فضله كل ذى عمل صالح ، وذلك أنه يضعف الحسنة إلى العشر وأكثر ، ويثيبه فى الدارين ، وهذا ترغيب فى الإيمان والعمل ، ويجوز أن يكون المراد يؤته فى الآخرة ، وبه قال مجاهد . قال أبو العالية ، وابن عباس تزيد الدرجات فى الجنة على قدر الأعمال ، قال ابن عباس من زادت سيئاته على حسناته دخل النار ، ومن استوت كان من أهل الأعراف ، ويدخل الجنة ، ومر فى ذلك بحث فى سورة الأعراف ، قال ابن مسعود من عوقب فى الدنيا بسيئته بقيت له عشر حسنات ، وإن لم يعاقب عوقب بها فى الآخرة ، وبقيت له تسع حسنات ، ويلٌ لمن غلبت آحاده عشراته ، وفيه البحث السابق ، وقيل معنى الآية من عمل لله وفقه الله بعد لطاعته فهى فضل الله . { وإنْ تَولَّوا } أعرضوا عن الإيمان ، وأصله تتولوا ، وحذفت إحدى التاءين ، وقرئ تولوا بضم التاء واللام من ولى بالتشديد مثل { ولى مدبراً } { فإنِّى أخاف عَليْكم عََذابَ يَومٍ كَبيرٍ } أى عذاب القيامة ، وهو النار ، وقيل وقت الشدة فى الدنيا ، وهو سبع سنين القحط ، اشتد فيهن القحط حتى أكلوا الجيف والعظام ، وسكن ياء إنى غير نافع وابن كثير وأبى عمرو .