Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 87-87)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قالُوا يا شُعيْبُ أصَلَواتُك } باستفهام التهكم والسخرية ، أو التوبيخ والإنكار ، والجمع لكثرة صلاته ، كأنهم قالوا أصلاتك التى تداوم عليها ليلا ونهارا ، وقرأ حفص ، وحمزة ، والكسائى أصلاتك بالإفراد ، وكان أكثر الأنبياء صلاة ، قال الحسن لم يبعث الله نبيا إلا فرض عليه الصلاة والزكاة ، وقيل المراد بالصلوات الدعوات ، وكان كثير الدعاء . وقال الأعمش المراد القراءة والدعاء ، وقيل قالوا أدينك فذكر الله عنهم أصلواتك ، فإن الصلاة من أعظم شعائر الدين وفيه بعد { تأمُركَ أنْ نَتْركَ } معلوم أن الإنسان لا يؤمر بترك فعل غيره ، أو بفعل عين فعل غيره ، وإنما يترك الفعل ذلك لغير الفاعل له ، ولكن المراد تأمرك بتكليفك إيانا أن نترك ، أو بتكليف أن نترك { ما يعبُدُ آباؤنا } أى عبادة ما يعبده آباؤنا من الأصنام . { أنْ نَفْعل فى أمْوالنا ما نَشاءُ } من التطفيف والقطع من الدرهم والدينار وصنعها ناقصة ، والتدليس فيها وإجراءها مع الصحيحة النصيحة ، وبخس أموال الناس ، والعطف على ما ، أى أو أن نترك فعلنا ما نشاء فى أموالنا لا على قوله { أن نترك } لأنه لم يأمرهم أن يفعلوا فى أموالهم ما يشاءون إلا على قراءة ابن أبى عبلة ، تفعل وتشاء بالتاء فيهما خطابا لشعيب ، فالعطف على قوله { أن نترك } أى أو تأمرك أن تفعل ما تشاء فى أموالنا من تحريم التعطفيف فيها والبخس ، وإنما أسندوا الأمر للصلاة تهكما بها . وكان من عادة الناس إذا أكثر الرجل فعل شئ جعلوا ذلك الشئ آمره وناهيه ، ولأن من رغب فى رتبة من خير أو شر تدعوه تلك الرتبة إلى التزيد من ذلك النوع ، فكأنهم قالوا لما خالفتنا بالصلاة ، تجاوزت إلى ذم شرعنا وحالنا ، فكأن صلاته جسَّرته على ذلك ، وأمرته به أمرا باطلا لا يدعو إليه عقل ، بل أمر وسوسة من الشيطان ، وهذيان وجنون ، كما يتولع المجانين والموسوسون ببعض الأقوال من الأفعال . { إنَّكَ لأنْتَ الحَليمُ الرَّشيدُ } فينا موسوما بذلك ومشهورا ، فكيف صدر منك الأمر بترك عبادة الأصنام ، وترك التصرف فى أموالنا بما نشاء ، وخالفت دين قومك ، وشققت عصاهم ، فهذه الجملة تعليل للإنكار الذى يفيده قولهم أصلواتك ، ويحتمل أن يريدوا بها التهكم به ، ووصفه بضدها ، فالمراد السفيه الغاوى ، كما يقال للجبان لو أبصرك عنترة لمات جبناً ، وللشحيح لو أبصرك حاتم لسجد لك ، أو لاستبخل نفسه . وقال ابن عباس المراد السفيه الغاوى أولا بطريق التهكم ، بل بطريق تسمية العرب الشئ باسم ضده ، كما يقال للديغ سليم ، وللفلاة المهلكة مفازة ، وكأنهم تفاءلوا له بالحلم والرشد ، وهو عندهم خارج عنهما ، وهذا محتمل فى المثالين ، أو أرادوا أنك حليم رشيد فى زعمك ، فكيف تدعونا إلى ترك ما وجدنا عليه آباءنا ، والتصرف فى أموالنا بما نشاء .