Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 89-89)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ويا قَوْم لا يجْرمنَّكُم } لا يكسبنكم من جرم المتعدى لاثنين ، فإنه تارة يتعدى لهما ، وتارة لواحد ، وكذا كسب الأول الكاف ، والثانى أن يصيبكم ، وقرأ ابن كثير بضم الياء على أنه من أجرم المتعدى لواحد ، تعتدى بالهمزة إلى آخر ، يقال أجرمه زيد ذنبا إذا جعله جارما ، أى كاسبا له ، كما يقال أكسبته مالا أى جعلته كاسبا له ، وقيل والأفصح استعمالهما الثلاثيين عند التعدى لاثنين ، لأنه أكثر استعمالا فى ألسنة الفصحاء ، وأما أجرم بمعنى أذنب وهو رباعى فهو الأكثر ، والنهى فى اللفظ الشقاق فإن قوله { شِقَاقى } أى مخالفتى فاعل ، وفى المعنى للمخاطبين عن الشقاق ، أى لا تشاققونى فيجرمنكم شقاقى . { أن يُصِيبكُم مثْلُ } فاعل يصيب ، وقرأ أبو حيوة بالفتح على البناء للإبهام مع الإضافة المبنى ، وهو رواية عن نافع ، والمشهور عنه الرفع ، وقال ابن مالك مثل لا تبنى بالإضافة لمبنى ، لأنها تخالف سير المبهمات ، لأنها تثنى وتجمع ، وجعل مثل فى قراءة الفتح مفعولا مطلقا ، وفاعل يصيب ضمير الله تعالى ، وجعل مثل فى { إنه لحقّ مثل ما أنكم تنطقون } حال من ضمير مستتر فى حق ، على أنه اسم فاعل حذف ألفه ، وضعف ابن هشام ذلك . { ما أصابَ قَومَ نوحٍ } من الغرق { أو قَوْمَ هُودٍ } من الريح { أو قَومَ صَالحٍ } من الصيحة { وما قَوْمَ لوطٍ مِنْكُم ببَعيدٍ } فى الزمان ، فإنهم أهلكوا فى زمان قريب من زمانكم ، وهم قرب الهالكين منكم ، أو فى المكان ، وذلك أن قوم شعيب جيران لقوم لوطٍ ، وبلادهم قريبة من بلادهم ، فإن لم تعتبروا بمن قبلكم فاعتبروا بهم ، أو فى الكفر والمعاصى ما يوجب الإهلاك ، بل قد قاربتموهم ، أو ساوايتموهم ، فوجب لكم من الهلاك مثل ما وجب لهم جنسا أو نوعا ، والباء صلة للتأكيد ، وبعيد خبر ما ، وأفرد بجواز استعمال القوم استعمال المفرد المذكر ، والمفرد المؤنث ، هو الجمع ، فانظر حاشيتى على المرادى فى باب العدد ، أو لأن التقدير لشئ بعيد ، أو التقدير ما زمان قوم لوط أو ما مكانهم أو ما إهلاكهم ، ولأن بعيدا فعيل بمعنى فاعل يجوز أن يستوى فيه المذكر والمؤنث ، لأنه بوزن المصدر كالذميل والصهيل ، ويجوز كون الباء ظرفية أى فى مكان بعيد فلا إشكال فيه .