Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 109-109)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وما أرسَلْنا مِن قَبلكَ إلا رجَالاً } رد على من قال { لو شاء ربنا لأنزل ملائكة } وقال ابن عباس ذلك نفى لاستنباء النساء ، ويقال لمن ادعت النبوة لم تزل أنبياء الله ذكرانا ، والمراد بالإرسال الجعل أنبياء ، سواء مع رسالة أو عدمها ، وما ذكرته أولا أولى من قول ابن عباس ، لأنهم لم يدعوا بنبوءة امرأة ، ويرد عليهم بذلك ، اللهم إلا أن يراد مجرد الإخبار بأن المرأة لا ترسل ، وأراد ابن عباس أن الآية تنفى نبوتها ، ولو كان المقصود بالذات فيها نفى رسالة الملك ، ويجوز أن يراد بيان خطئهم فى استهزائهم وتهكمهم فى أخت العباس ، لما رأت فى المنام ما يدل على هلاكهم فى بدر ، إذ قال بعضهم للعباس متى حدثت هذه النبية فيكم ؟ وقد مر بيان ذلك ، ولو كان بين نزول هذه السورة وقولهم ذلك مدة . { نُوحى إليْهم } قال أبو عمرو الدانى قرأ حفص نوحى إليهم ، هنا ، وفى النحل ، والأول من الأنبياء بالنون وكسر الحاء والباقون بالياء وفتح الحاء ، وحمزة والكسائى يميلان على أصلهم انتهى . { مِنْ أهلِ القُرى } المراد ما يشمل الأمصار ، وذلك لأنهم أعلم وأحلم من أهل البدو ، ولم يبعث الله نبيا من أهل البدو لجهلهم وجفائهم وقسوتهم ، ولا يعترض ذلك ببدو يعقوب ، لأن بدوه لم يكن فى أهل عمود ، بل باستقرار ومنازل وربوع ، بل قد بنى بيتا سكنه ، ومر كلام فى ذلك أو جعله بدوا بالإضافة إلى مصر . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فضيلة أهل المدائن ، أى الأمصار ، على أهل القرى كفضيلة الرجال على النساء وفضيلة أهل القرى على أهل العمود كفضيلة الرجال على النساء ، وأهل الكفور كأهل القبور " فقيل ما الكفور ؟ فقال " البيت بعد البيت " وقال " ما من ثلاثة يكونون فى قرية البدو ولا يُجمعون للصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان ، وإنما يأخذ الذئب من الغنم القاصية " وقال " الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأتى الشاة القاصية ، عليكم بالمساجد والجماعة والعامة ، وإياكم والشعاب " . " وكان معاذ على بعض أهل الشام فجاءه ناس من أهل البادية فقالوا له قد شقت الإقامة ، فقد بدأت بنا ، فقال لعمرى لابداء لكم قبل الحاضرة أهل العبادة وأهل المساجد ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " عليهم تنزل السكينة ، وإليهم يأتى الخير ، وبهم يبدأ يوم القيامة " قال والخير الوحى ، ولا نبى من الجن بعد خلق آدم ، وأما قبله فقيل كانت الجن تعمر الأرض وأنبياءهم منهم لا من النساء ، وفى نبوءة بعض النساء خلاف أذكره فى سورة القصص إن شاء الله ، والتبدى مكروه إلا فى الفتن والهروب بالدين ، فلا يكره بل يستحب ، وإن تحقق فساد الدين بعدمه وجب ، وهذا كله مع إبقاء وطنه فى الحضر . { أفلمَ يسيرُوا فى الأرضِ فينْظُروا كَيفَ كانَ عاقبةُ الذينَ من قَبْلهم } من المكذبين وهى هلاكهم وخراب دورهم ، فإنما آخر أمرهم وآخر الشئ يسمى عاقبة ، فهلا تركوا التكذيب مخافة أن يكون ذلك عاقبتهم ، أو أراد بالذين من قبلهم المبالغون فى حب الدنيا ، كانت عاقبتهم ذلك ، فهلا انقلعوا عن حب الدنيا لئلا يكون عاقبتهم ذلك ، ولما صدق واحد فإن التكذيب مترتب على حب الدنيا . { ولدارُ الآخرةِ } أى ولدار المدة الأخيرة ، أو لدار النشأة الأخيرة ، أو لدار الحالة الأخيرة ، أو لدار الساعة الأخيرة ، ولدار الحياة الأخيرة ، أو نحو ذلك ، فحذف الموصوف وأضيف الدار للصفة ، وأراد بالدار الجنة ، وبالأخرة ما ذكر من زمان أو نشأة أو حياة أو حالة ، وقال الكوفيون ذلك ذلك إضافة موصوف لصفة ، والأصل الدار الآخرة ، حذفت أل وأضيفت دار للآخرة ، ولزم إضافة الشئ إلى نفسه وهو غير متصور ، وما وأهم صورة التأويل هنا ما ذكرته أولا ، أو يجعل ذلك من إضافة العام للخاص كشجر . { خيرٌ للذِينَ اتقَوْا } خافوا الله وحذروا معصيته والإشراك به { أفلا تعقلُونَ } أنها خير فتؤمنوا ، استعمل تعقل بمعنى تعلم ، لأن العلم بالعقل ، والمعنى ، أفلا تستعملون عقولكم فتعملوا أنها خير فتؤمنوا ، والخطاب مجرى على ما يقتضيه قوله سبحانه وتعالى { قُلْ هذه سَبيلِى } فإنه إذا قال لهم خاطبهم فكأنه قال قل لهم أفلا تعقلون ، وذلك قراءة نافع وابن عامر وعاصم ويعقوب ، وقرأ غيرهم أفلا يعقلون بالمثناة التحتية جريا على ما يقتضيه قوله عز وجل { أفلم يسيروا } .