Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 14-14)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قالُوا لَئِنْ أكلهُ الذِّئبُ } أى والله لئن أكله الذئب { ونحْنُ } الواو للحال { عُصبةٌ إنَّ إذاً لخاسِرُونَ } عاجزون ضعفاء تعبير ، فإن الخسران فى المال مثلا يكون فى الجملة لعجز وضعف فى البدن ، أو فى النفس والعقل ، وجملة إنا الخ جواب القسم الموطأ له بلام لئن ، مغن عن جواب الشرط ، أو يقدر له مثله ، أو معنا خاسرون مغبونون فى أمره ، أو خاسرون فى مواشينا بأن لا نقدر على حفظها ، أو غادرون أو ضالون فى الدين ، أو مستحقون للموت ، إذ لا نفع فيهم إن كان ذلك ، أو مستحقون أن يدعو عليهم أبوهم بالهلاك والدمار . وقالوا يا نبى الله كيف يأكله الذئب وفينا شمعون إذا غضب لا يسكن غضبه حتى يصيح ، وإذا صاح لا سمعه حامل إلا وضعت ما فى بطنها ، وفينا يهودا إذا غضب شق السبع نصفين ، فلما سمع يعقوب ذلك اطمأن إليهم . وأقبل يوسف حتى وقف بين يدى أبيه ثم قال يا أبت أرسلنى معهم ، فإنى رأيت منهم اللطف والدين . قال أتحب ذلك يا بنى ؟ قال نعم . قال فاذهب فإذا كان الغد أذنت لك ، فلما أصبح لبس ثيابه ، وشد على نفسه منطقه ، وأخذ قضيبه ، وخرج مع إخوته ، وعمد يعقوب إلى السلة التى يحمل فيها الزاد ، فجعل فيها زاد يوسف ، وخرج يشيعهم . قالوا يا نبى الله ارجع ، فقال يا بنى أوصيكم بتقوى الله وحبيبى يوسف أسألكم بالله إن جاع فأطعموه ، وإن عطش فاسقوه ، وقوموا عليه ولا تخذلوه ، وكونوا متواصلين متراحمين . قالوا يا أبانا كلنا كذلك ، وهو أخونا كأحد منا ، بل له الفضل علينا . قال يا بنى يوسف حبيبى عندكم ، مع أنى أخاف أن أكون قد ضيعته ، ثم أقبل يوسف فالتزمه وضمه إلى صدره وقبله بين عينيه ، ثم قال استودعتك الله رب العالمين وانصرف راجعا . وكانت زينة بنت يعقوب أخت يوسف نائمة ، فرأت فى منامها كأن يوسف وقع بين ذئاب تنهشه فانتبهت فازعة مرعوبة ، ومضت إلى أبيها باكية وقالت له ما فعلت بأخى يوسف ؟ قال أسلمته إلى إخوتك ، فمضت خلفه حتى لحقته ، فأمسكت بيوسف فقالت لا أفارقه أبدا ، فقالوا لها أرسليه ، فقالت لا أفعل أنى لم أطق فراقه ، فقالوا لها بالعشى نأتيك به ، ثم أقبل يوسف يقلب يديها ويقول لها دعينى أسر مع إخوتى نرتع نلعب ، فتركته وجلست موضعها تشيعه بعينيها ، ودموعها تجرى ، ورجعت باكية حزينة على فراقة ، فقال لها يعقوب لِمَ تبكين ؟ فقالت ساعة أخرى تبكى أنت معى . وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم لما خلوا به فى البرية أظهروا له العداوة ، وجعلوا يضربونه ، وذكروا أنهم كانوا يحملونه بمرأى من يعقوب على أعناقهم ، ولما غابوا عنه ألقوه على الأرض ، وأظهروا له ما فى أنفسهم ، وجعلوا يضربونه إذا ضربه واحد استغاث بالآخر فيدفعه ويضربه ، وأخذوا ما زوده أبوه وأطعموه الكلاب ، وضربوه حتى كادوا يقتلونه ، وعطش عطشا شديدا فقال لهم اسقونى جرعة من ماء قبل أن تقتلونى فلم يسقوه . وبكت الملائكة عند ذلك رحمة بيوسف ، ولما لم ير منهم رحيما ، وظن أنهم يقتلونه جعل ينادى يا أبتاه ، يا يعقوب ، لم تعلم ما يصنع بابنك بنو الإماء ، ما أسرع ما نسوا عهدك ، وضيعوا وصيتك ، لو رأيت ما يصنعون بى لأحزنك وأبكاك بكاء شديداً . وهموا بقتله ، وأخذه روبيل فجلد به الأرض ، ثم جثم على صدره ، وأراد قتله ، فقال له مهلا يا أخى لا تقتلنى ، فقال له يا ابن راحيل ، قل لرؤياك تخلصك من أيدينا ، ولوى عنقه ، فاستغاث يوسف بيهود وقال له اتق الله فىَّ ، أتخلى بينى وبين من يريد قتلى ؟ فرقّ له وقال يا إخوتاه ما على هذا عاهدتمنى ، ألم تعطونى موثقا لا تقتلونه ، ألا أدلكم على ما هو أهون لكم وأرفق به ، أن تلقوه فى هذا الجب فيموت ، أو يلتقطه بعض السيارة . روى أن شمعون جرد سكينه على أن يقتله ، فتعلق بذيل روبيل فضربه وطرده ، وكذلك جميع إخوته يطردونه ويضربونه ، فضحك عند ذلك ، فقال له يهودا ليس هذا موضع الضحك ، فقال بينى وبين الله سر ، قال ما هو ؟ قال تأملت فيكم وفى قوتكم وشدتكم فقلت فى نفسى ما يفعل العدو بنا ، ومن يقدر علىَّ ولى مثل هؤلاء الإخوة ، فسلطكم الله علىَّ بشؤم تلك الفكرة ، حتى لا يتكل العبد إلا على مولاه . وأن يهودا أدركته رحمة الإخوة فقال له تعالى وادخل تحت ذيلى لأحفظك ، فقالوا له كأنك رجعت عن عهدنا ؟ فقال الرجوع عن كل أمر ليس فيه رضا الله تعالى أولى من الوفق عليه ، إذا أردتم قتله فاقتلونى معه ، قالوا لا نتركه ، قال ألقوه فى غيابات الجب .