Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 25-25)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ واسْتَبقَا } أى تسابقا ، فإن الافتعال يأتى بمعنى التفاعل كاجتوروا بمعنى تجاوروا ، وازدوجوا بمعنى تزاوجوا ، والألف المحذوف نطقا لالتقاء الساكنين الثابت فى الخط ليوسف عليه السلام ، والتى هو فى بيتها . { البابَ } الأخير الذى يلى خارج البيت ، ولذا أفرد الباب بعد جمعه فى قوله { وغلقت الأبواب } أو جمعه نظر إلى أبواب كل باب فى جهة ، وأفرد هنا لأنه كل باب تلك الأبواب إن خرج منه تخلص ولم يحبسه آخر إذا لم تجعل بابا خلف باب ، والنصب على نزع الخافض ، أى تسابقا إلى الباب ، أو على المفعولية لتضمين استبق بمعنى تبادر ، هرب يوسف منها وتبعته مسرعة لتمنعه من الخروج ، وعن كعب الأخبار رضى الله عنه أنه جعلت أبوابا متتابعة واحدا بعد واحدا ، ولما هرب تساقطت الأقفال حتى خرج من الأبواب كلها . { وقَدَّت قميصهُ مِنْ دُبُرٍ } قطعته باجتذابه من ورائه والمراد ، والله أعلم ، الإخبار بأنها جذبته ، فذكر القدر وهو القطع ، ولم يذكر الاجتذاب ، لأنه سبب القد وملزومه ، وأكثر ما يستعمل القد فى القطع طولا ، وأما القطع عرضا فهو القط ، وذكر بعضهم أنها قبضت بأعلى قميصه حيث تخرج العنق فتخرق ، نزل التخريق إلى أسفل القميص ، وهو قميص ألبسته إياه ، وتحته القميص الذى ألبسه يعقوب فيما زعم بعض . { وألْفَيا } وجدا { سَيِّدهَا } زوجها ، لم يقل سيدهما لأن ملك قطفير وهو العزيز جرى عليها بالزوجية ، ولم يجر على يوسف بالشراء ، لأن شراءه مفسوخ غير منعقد فى الحقيقة ، لأنه حر ، بخلاف المرأة فإن تزويجها لرجل تمليكها له ، وذلك يقول الولى أملكتكها وملكتكها بالتشديد ، ويقال فى زوج ملكها بالتخفيف ومالك لها ، ولو كان ملك الزوج الزوجة غير ملك الرجل العبد ، ولو لم يكن فى تعظيم شأن الرجل على زوجته إلا تسميته فى الآية سيداً لها لكفى . { لَدَى } عند { البَابِ } قيل صادفاه مقبلا يريد أن يدخل وقيل جالسا مع ابن عمها عند الباب ، ولما رأته هابته وكذا تهاب ابن عمها ، وخافت أن يتهماها ، احتالت على يوسف بما ترئ نفسها وتنتقم به من يوسف ، إذ لم يوافقها ، وتخوِّفه لعله يوافقها مما يفضح به قولها { ولئن لم يفعل ما أمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين } فقالت ما حكى الله عنها بقوله { قالَتْ } لسيدها { ما جَزاءُ مَنْ أراد بأهْلكَ } زوجتك { سُوءاً } أى فاحشة فتعنى الزنى ، لم تصرح بيوسف لأن العموم أبلغ ، فإنها قالت { ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً } كائنا ما كان لا كذا وكذا ، فإن هذه العبارة آكد فى أن يوسف لا يخلصه مخلص من الجزاء إذا أراد بها سوءاً فيما زعمت ، وهو برئ وما نافية ، وتجوز أن تكون للاستفهام الإنكارى ، وهو نفى أى أى شئ جزاء { إلاَّ أنْ يُسجَن } أى إلا سجنه { أو عَذابٌ أليمٌ } موجع كما قال الله تعالى { هل يهلك إلا القوم الفاسقون } أو العذاب معطوف على المصدر المسبوق من الفعل قبله كما رأيت ، وهو الضرب بالسياط أو غيره من سائر التعذيب ، لكنها مشفقة عليه جدا ، ولذلك لم تذكر القتل مع أنه أسبق شئ إذا غضب من له بطش وتمكن بهتك الستر العظيم ، حاشاه عليه السلام ، بل ابتدأت بذكر السجن ، وأخرت العذاب ، لأن المحب لا يشتهى إيلام المحبوب ، ولم ترد السجن الطويل بل أرادت ما يعطفه عليها ويلين عريكته ، مثل أن يسجن عبدها يوما أو يومين ، ومثل أن يضرب ضربتين أو ثلاثا . وهذا كالمثل السائر خذ اللص قبل أن يأخذك ، إذ سابقت بالشكوى لما تبادر الباب توافق أن العزيز بالباب فى بعض حوائجه فإذا الصوت من وراء الباب ، فرأى ما هما عليه ، وأصابها الخجل ، ولكن لم ترد عليه أن يفلت من يدها فنظر إليهما متسائلا ما هذا الذى أرى فقال يوسف { قالَ هى رَاودَتْنى عن نَفْسى … }