Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 24-24)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلقدْ هَمَّت بهِ } قصدت منه الجماع ، { وَهمَّ بها } قصد ذلك فيما قيل . وروى أنها همت به حتى اضطجعت له ، وهم بها فحل سراويله ، قلت هذا لا يصح فى جنبه ، وأما الأول فإن كان هم عزم فالواجب أن ننزهه عنه ، وإن كان هم طبع ضروريا ، فلا إِشكال بل بمدافعته يقوى الأجر له لشدة مكابدته بالدفع ، ولا وزر فى الهم ما لم توطن عليه النفس ، وإن وطنت ولم تعمل كتبت عليها خطيئة الهم وهى أدنى من خطيئة العمل ، وبهذا يجمع بين حديث لا تكتب خطيئة على الهم ، وحديث تكتب عليه . قال عياض والصحيح تنزيههم قبل النبوة أيضا من كل عيب ، قيل لو كان همه كهمها عن عزيمة لما مدحه الله بأنه من المخلصين ، وقيل هم بضربها ودفعها ، وقيل بالنظر إليها ، وهذا أيضا لا يجوز أن يعتقد فيه ، فإن كان هم عزم ، والنظر نظر شهوة وإلا فلا بأس . قال فى زهر الأكمام ليس كما يقول القصاص والمكذبون والمتشدقون أنه حل العقد وهمّ بها حتى صرفه الله عز وجل بالبرهان ا هـ . وقد زعموا عن ابن عباس أنه حل العقد ، وقعد بين شُعَبها الأربع مستلقية على قفاها ، إن ذلك قبل النبوة غير قادح ، وذلك زعم باطل وكذب ، عن ابن عباس ، عن مجاهد حل سراويله وجعل يعالج ثيابه ، قيل هذا قول الأكثر ، ونسب لابن جبير والحسن ، وذلك كذب وضع على مجاهد ، ومن ذكرهما قال الفخر . وعن الضحاك جرى الشيطان بينهما وضرب بيده إلى عنق المرأة حتى جمع بينهما ، وهذا ضعيف لا يعتقد ، وعن ابن عباس هم بها تمنى أن تكون له زوجة . وفى عرائس القرآن وأما ما كان من هم يوسف بها وهمها به فقال السدى ، وابن إسحاق لما أرادت امرأة العزيز مراودة يوسف ، جعلت تذكر محاسنه وتشوقه إلى نفسها ، فقالت يا يوسف ما أحسن شعرك ! قال هو أول ما يبلى منى بعد موتى ، وأول ماينتثر من جسدى ، قالت يا يوسف ما أحسن عينيك ! قال هما أول ما يسيل ، قالت يا يوسف ما أحسن وجهك ! قال ربى تعالى صورة فى الرحم ، قالت يا يوسف صورة وجهك قد أنحلت جسمى ، قال الشيطان يعينك على ذلك ، قالت يا يوسف الحبيبة قد التهبت ناراً قم فأطفها ، قال إن أطفأتها ففيها إحراقى ، قالت يا يوسف الحبيبة قد عطشت قم فاسقها ، قال من كان المفتاح بيده هو أحق بسقيها ، قالت يا يوسف فراش الحرير قد بسطته قم فاقض حاجتى ، قال إذن يذهب نصيبى من الجنة . قالت يا يوسف ادخل تحت الستر منى فأسترك به ، قال لا ساتر عن الله إن عصيته ، قالت يا يوسف ضع يدك على صدرى أشتف بذلك ، قال سيدى أحق بذلك منى ، قالت أسقيه سما ويموت ، قال لا أنجو يوم القيامة إن أطعتك . وقيل معنى همَّ بها هم بالفرار عنها ا هـ . ويجوز أن يكون معنى وهم بها شارف وقارب الهم بها ، وعانى هذا فلم يهم أصلا ، قال ابن هشام يعبرون بالفعل عن وقوعه وهو الأصل ، وعن مشارفته نحو { فبلغن أجلهن } أى شارفن انقضاء أجلهن { والذين يتوفون منكم } الآية أى شارفوا التوفى بدليل قوله { وصية لأزواجهم } { وليخش الذين لو تركوا } أى شارفوا الترك ، بدليل ، خافوا ، وعن القدرة عليه نحو { إنا كنا فاعلين } أى قادرين على الإعادة . { لَوْلا أنْ رَأى بُرهَانَ ربِّه } جواب لولا محذوف ، أى لطاوعها وقضى حاجتها ، ويجوز أن يقدر لولا أن رأى برهان ربه لهمَّ بها ، وعلى هذا يكون قوله { لولا أن رأى برهان ربه } مرتبطا بقوله { وهمَّ بها } هو دال على جوابها ، فيكون لم يهم بها أصلا ، كقولك قام زيد لو قام عمر ، فإن زيدا لم يقم لعدم قيام عمرو ، وحين كونه بمعنى أنه دليل الجواب ، وليس جوابا مقدما ، لأن الجواب لا يتقدم خلافا لبعض ، إذ الشرط وأداته والجواب ككلمة ، وبعض الكلمة لا يتقدم . وأما قول الحسن بن الفضل أن فى الكلام تقديما وتأخير معناه ولقد همت به لولا أن رأى برهان ربه لهمَّ بها ، فتقدير معنى ، وإن أراد تقدير إعراب فمن القول الضعيف ، ورأى فى تأويل مصدر مبتدأ محذوف الخبر ، أى لولا لرؤيته لبرهان ربه موجودة ، وذلك البرهان مختلف فيه . قال فى عرائس القرآن عن ابن عباس أنه مثل له يعقوب فضربه بيده على صدره ، فخرجت شهوته من أنامله ، وعن الحسن ، ومجاهد ، وعكرمة ، والضحاك انفرج ليوسف سقف البيت ، فرأى أباه عاضا على أصبعه ، وكان قد ولد كل واحد من أولاد يعقوب اثنى عشر ولدا إلا يوسف ، فإنه ولد له أحد عشر ولدا من أجل ما نقص من شهوته ، حين رأى صورة أبيه وقت همَّ بها استحياء منه . وقال قتادة رأى صورة يعقوب قال له يا يوسف أتعمل عمل السفهاء وأنت مكتوب فى ديوان الأنبياء ، وعن السدى نودى يا يوسف أتواقعها إنما مثلك ما لم تواقعها مثل الطير الذى فى جو السماء لا يطاق ، ومثلك إذا واقعتها مثله إذ مات ووقع فى الأرض لا يستطيع أن يدفع عن نفسه . وعن مجاهد ، عن ابن عباس حل سراويله ، وقعد منها مقعد الرجل من امرأته ، وهو كذب كما مر ، فإن بكفّ قد بدت فيما بينهما لا عضد ولا معصم لها ، مكتوب فيها { وإن عليكم لحافظين * كرام كاتبين * يعلمون ما تفعلون } فقام هاربا وقامت ، فلما ذهب عنهما الرعب عادت وعاد ، فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته إذا بكف كذلك مكتوب فيها { واتقوا يوما ترجعون فيه } إلى { يظلمون } فقام وقامت ، ولما ذهب الروع عادت وعاد ، فلما قعد منها كذلك قال الله جل وعلا أدرك عبدى قبل أن يصيب الخطيئة ، فانحط جبريل عليه السلام عاضا على أصبعه يقول يا يوسف أتعمل عمل السفهاء ، وأنت عند الله مكتوب من الأنبياء ، وفى رواية أتعمل عمل الأشقياء وأنت مكتوب فى ديوان الأنبياء ، وإن فى الكف فى المرة الأولى { وإن عليكم لحافظين } الخ ، وفى الثانية { ولا تقربوا الزنى } الخ ، وفى الثالثة { واتقوا يوما ترجعون } ولم يؤثر ذلك فيه حتى نزل جبريل فقال ذلك . وذلك كله خطأ فى حق نبى ، كيف ينهاه ربه ثلاث مرات ولا يؤثر فيه ذلك ، ولو أن أقبح الزناة وأوقحهم رأى تلك الكف أو نحوها لم يبق فيه عضو يتحرك ، فضلا عن أن ينتشر له ذكر ، ولو صدر منه حاشاه لتاب عقب ذلك ، فيذكر الله توبته بعد ذكر ما صدر منه ، فإنه ما ذكر عن نبى زلة إلا عقبها بذكر توبته كآدم ونوح وداود وأيوب وذى النون ، وقد وصفه الله تعالى بصرف السوء عنه ، وذلك من جملة السوء لو فعله . وقد جزم بعض بأن همه إنما هو بضربها ودفعها ، وأن فائدة البرهان مع هذا الامتناع من ضربها ، إذ لو ضربها لقتلته ، فالبرهان إعلامه بأن لا يضربها ، وحرفه عن ضربها ، وأنه لو اشتغل بدفعها وضربها لتعلقت به ، فيتمزق القميص من قبل ، وكان فى علم الله أنه يتمزق من دبر ، فتتم به شهادة الشاهد . وعن الكلبى انفرج سقف البيت ، وتمثل له ملك بيعقوب ، وذلك البرهان ، وعن السدى مثلك ما لم تواقعها كالطائر فى الجو ، وكالثور الصعب ، ومثلك إذا واقعتها مثلهما إذا ماتا ووقعا فى الأرض ، فتعلق النمل بأذن الثور وبالطائر ، ولا يدفعان عن نفسهما . وعن محمد بن كعب رأى فى حائط بعد ما رفع رأسه للسقف مكتوبا { ولا تقربوا الزنى } إلى { سبيلا } وكذا عن ابن عباس . وقال على بن الحسن كان لها صنم فسترته ، فقال لمه ؟ فقالت وقد استحييته أن يرانى على ذلك ، فقال هو لا يسمع ولا يبصر ولا وقد استحييت منه ، فكيف لا تستحين ممن يرى ويسمع ، فهرب . وقال جعفر بن محمد البرهان النبوة ، وقيل علمه بتحريم الزنى من قبل ذلك ، وهو حجة الله عليه ، وعلمه بالعقاب ، وقيل تطهير الله جل وعلا نفوس الأنبياء عن الدنس ، وقد أعطاه العلم والحكمة ، ليغلب شهوته ، ويكون سببا للعصمة ، وقيل تمثل له قطفير فاستحى ، وقيل البرهان كف بلا ذراع مكتوب فيها { ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه } وقيل هو طائر وقع بكتفه وقال فى أذنه لا تفعل ، فإن فعلت سقطت عن درجة النبوة . { كذلك } خبر لمحذوف ، أى الأمر ثابت كذلك ، أو الأمر مثل ذلك أو نعت لمصدر محذوف مع عامله ، أى ثبتناه تثبيتا كاتبا كذلك ، أو تثبيتا مثل ذلك ، والإشارة لما يتضمنه قوله { لولا أن رأى برهان ربه } من امتناعه من موافقتها ، أو لما يتضمنه قوله { معاذ الله } الآية من ذلك ، أو قوله { آتيناه حكما وعلما } ويجوز أن يقدر عصمتنا له كذلك ، أو أريناه البرهان كذلك ، أو جرت أقدارنا كذلك . { لِنصْرفَ } متعلق بما يقدر للكاف على الأوجه المذكورة { عَنْه السُّوءَ } خيانة السيد { والفَحْشاءَ } الزنى ، وقيل السوء مقدمات الزنى من نظر ومس وقبلة ، والفحشاء الزنى { إنَّه مِنْ عِبادِنا المخْلَصِينَ } بفتح اللام أى الذين أخلصهم الله لطاعته ، واصطفاهم للنبوة ، قال أبو عمر والدانى الكوفيون ونافع المخلصين بفتح اللام حيث واقع إذا كان فيه ألف ولام ، والباقون بكسرها ، ا هـ . وكذا يعقوب يكسر إذا كان أل والمعنى على الكسر الذين أخلصوا دينهم لله ، والمراد بالمخلصين بفتح أو كسر العموم فى الأنبياء ، وقيل العموم مطلقا وهو أصح ، وقيل آباء يوسف أى هو متولد وناشئ منهم لأنه من ذرية إبراهيم .