Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 40-40)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ما تَعبُدونَ مِنْ دُونه إلا أسماءً سميتمُوها أنتم وآباؤكم } خالية عن معنى الربوبية والألوهية ، وذلك أنهم يعبدون الأوثان ويسمونها آلهة وأربابا ، وما تحصلوا فى ذلك إلا على أسماء ليست تحتها ذوات تستحقها ، وإن قلنا المراد بالأسماء المسميات ، احتاج الكلام إلى تقدير مفعول ، أى سميتموها آلهة أو أربابا ، والمختار الأول ، والمراد بالآباء الوالدون والأجداد . { ما أنْزَل الله بهِا } أى بعبادتها أو بثبوتها أربابا وآلهة ، أو بتسميتها كذلك { مِنْ } صلة للتأكيد فى المفعول به { سُلطانٍ } أى حجة وبرهان ، قيل كانوا يدعون أن الله أمرهم بتسمية الأوثان آلهة وأربابا ، فرد عليهم يوسف بأن الله سبحانه وتعالى ما أمر بذلك ، بل عبدتم وسميتم تشبهاً وتقليدا ، ولا حجة عقل ولا تقل فى ذلك ، ابتدأ الخطاب أولا لصاحبيه الخباز والساقى ، فكان الضمير ضمير اثنين ، ثم جميع من كان فى السجن ، فكان الضمير ضمير جمع ، أو خاطب بضمير الجماعة من فى السجن وأهل مصرى تغلبا للحاضر على الغائب . { إنِ } ما { الحُكْم } القضاء فى أمر العبادة والديانة ، والأمر والنهى { إلاَّ الله } لا يشاركه الأوثان ولا غيرها فيه { أمْر ألا تعْبُدوا إلا إيَّاه } أمركم على لسان رسله أن لا تعبدوا إلا إياه ، لأنه المستحق للعبادة ، لأنه الواجب الوجود لذاته ، الموجد لما سواه ، والملك له ، الدال عليه بالحجج . { ذلكَ } المذكور من التوحيد ، وأختصاص الله بالعبادة { الدِّينُ القيِّم } المستقيم بالبراهين والعقل { ولكنَّ أكْثَر النَّاس } وذلك الأكثر هم الكفار { لا يعْلَمونَ } ذلك ، ولا الجزاء على خلافه ، فهم يتخبطون فى جهلهم . وروى أن الساقى والخباز قالا بأى شئ توصلت إلى معرفة الغيب ؟ ومن علمك ؟ فقال { إنى تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون } فقالا وما دينك ؟ وما تعبد ؟ قال { واتبعت ملة آبائى إبراهيم وإسحاق ويعقوب } قالا أولا عبدت إلهنا ؟ قال { ما كان لنا أن نشرك } الخ فآمن الساقى دون الخباز ، وآمن كل من فى السجن وهم ألف وأربعمائة رجل ، فقال أيما أحب إليكم المكث معى أو الخروج ؟ فقال الألف نريد الخروج ، فقال لهم اخرجوا ، فقالوا له كيف نخرج والقيود على أرجلنا ، والأغلال فى أعناقنا ، والسلاسل فى أيدينا وأرجلنا ، وإذا خرجنا على هذه الصفة يرانا حرس الملك فيعرفونا ، فقال أنا أدعو الله أن يغير صوركم حتى لا يعرفكم إلا أهليكم ، ثم أشار إلى القيود والأغلال فتساقطت وتقطعت ، وخرجوا فلم يعرفهم أحد حتى دخلوا بيوتهم ، وأخبروا أهليهم بما فعل يوسف ، واختار الباقون البقاء معه فى السجن ، وكان الرجل إذا فارق السجن يعود إليه ويتمنى أن لا يكون قد فارقه ، وبعد ما تلطف لهما بما يجلبهما للإسلام رجع لتعبير رؤياهما .