Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 43-43)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وقالَ الملكُ } ريان بن الوليد { إنَّى } وسكن الياء غير نافع ، وأبىعمرو { أرَى } فى المنام { سَبْعَ بقَراتٍ سمانٍ } غار ماء النيل عنه ، وإنى على شاطئه فخرجن ، وروى أنهن رآهن خرجن من نهر يابس ، ويجمع بين الروايتين بأن النهر النيل ، وقد ملئت ضروعهن لبنا وكأنهن حشين لحما وشحما ولبنا وسمنا ، وإنما أضاف سبع إلى جمع السلامة لإهمال تكسير البقرة ، وأما البقر فاسم جمع على الصحيح ، ولا يقال فى الفصيح ثلاث بقر ، وإنما أضاف سبع إلى سنبلات مع أن للسنبلة تكسيرا وهو سنابل لمجاورة ما أهمل تكسيره وهو بقرة ، ذكر ذلك ابن هشام وغيره ، ورويته عن شيخى فى توضيح ابن هشام ، وسمان جمع سمينة ككريمة وكرام ، وإنما جر سمان فكان نعتا لبقرات ، ولم ينصب فيكون نعتا لسبع ، لأن المراد تمييز السبع ببقرات ، وأن تلك البقرات سمان لا تمييزها من أول الأمر بسمان البقر فافهم . { يأكلهنَّ سبْعٌ } سبع بقرات { عِجافٌ } مهازيل جدا ، وخراطيمهن كخراطيم السباع ، خرجن أيضا من حيث خرجت السمان ، فأكلن لحوم السمان وشحومهن وجلودهن ، وعصبهن ومخهن وعظامهن ، وشربن دماءهن ، ولم يظهر فى المهازل شئ . روى أنهن ابتلعن السمان ابتلاعا ، وقد خرجن بعد السمان ، وعجاف نعت سبع جمع عجفاء ، والقياس عجف بضم العين وإسكان الجيم كبكاء وبكم ، ولكن جمع على عجاف حملا على سمان ، لأن من عادة العرب حمل الشئ على نقيضه ، وحمل أحد المتجاورين على الآخر كقوله أخذه ما قدم وما حدث بضم دال حدث حملا على ما جاوره وهو قدم كما قال ابن هشام ، ومثل ذلك كثير ، وإنما لم يضف سبع إلى عجاف لأن عجاف صفة إذا كان جمع صفة ، والعدد لا يضاف للصفة لأن البيان لا يقع بها دون موصوفها إلا إن تغلبت عليها الاسمية كفرسان وأصحاب ، فتقول ثلاثة فرسان ، وخمسة أصحاب ، فلكون الأصل ما ذكرت لم يضف لعجاف ، ولو كان القرينة ، على أن المراد بالعجاف البقرات العجاف موجودة . { وسَبْعَ سُنْبلاتٍ خُضْرٍ } جمع خضراء ، والعطف على سبع بقرات ، فكأنه قال ورأيت أى بعد ذلك سبع سنبلات ناعمات مملوءات حبا منعقدا لما يتيبسن { وأخرَ } جمع أخرى كالكبرى والكُبرَ أى وسبعا أخر { يابسَاتٍ } قد أدركن ، ولا خضرة فيهن ، وقيل لا الخصرة فيهن ولا ماء ولا حبة ، فالتنوين على الخضر ، وغلبن عليهن ومصصن ما فيهن من ماء وخضرة حتى يبسن ، ولم يظهر أثر فى اليابسات ، ولم يذكر الالتواء والمص استغناء بذكر أكل البقرات العجاف البقرات السمان . وروى أن كل سنبلة خضراء نبتت تحتها سنبلة يابسة ، فالتوت ومصتها ، وكل من اليابسات والخضر فى ثرى ، وما نظر ذلك فى منامه ، وتعجب فيه كيف كانت هؤلاء يابسات ، وهؤلاء خضرا ، والموضع واحد ، وتعجب كيف غلبت العجاف السمان واليابسات الخضر ، وكيف لم يتبين أثر فى العجاف واليابسات واستيقظ فزعا لما رآى من تغلب الضعيف على القوى وخاف على نفسه . { يا أيُّها المَلأُ } الأشراف { أفتُونى فى رُؤياىَ } أخبرونى بتأويلها { إنْ كنُتم للرُّؤيا تَعْبرُون } إى إن كنتم تعبرون الرؤيا ، ولما قدم المفعول ضعف عنه الفعل فقوى باللام ، فهى لام التقوية كما قال ابن هشام ، ويجوز أن تكون أصليه متعلقة بمحذوف خبر لكان ، فهى للبيان كقولك كان فلان لهذا الأمر ، أى إذا كان مستقلا به متمكنا منه ، وحاتم لمن احتاج ، ومن ذلك قول ابن النظر أبا عمر من للمكارم والعلا البيت . وعلى هذا يكون تعبرون تفسير المعنى كونهم للرؤيا أو خبر أخر ، أو حالا ، ويجوز أن تكون أصلية متعلقة بالفعل بعده لتضمنه معنى ليتعدى باللام ، أى إن كنتم تنتدبون للرؤيا ، وتعبير الرؤيا تفسيرها ، وسمى تفسيرها تعبيرا ، لأن مفسرها جائز من ظاهر لباطنها استخراجا لمعناها ، ولأنه يذكر آخر أمرها وعاقبتها ، كقولك عبرت النهر إذا قطعته وبلغت شاطئه عرضا ، والتأويل يقال فى تفسير الرؤيا وغيرها ، وهو أهم ، وعبارة الرؤيا الانتقال من الصور الخيالية إلى المعانى النفسانية ، والفصيح عبرت بالتخفيف ، ويجوز التشديد كقوله @ رأيتُ رؤيا ثُمَّ عبرتها وكُنتُ للأحْلام عبَّارا @@ فجمع بين اللغتين ، لأن عبارا لا يكون إلا من الثلاثى ، والشاهد فى عبرتها .