Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 5-5)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قالَ يا بُنىَّ } تصغير ابن للشفقة أو لصغر سنه ، والأصل يا بنيوى بضم الموحدة وفتح النون وإسكان المثناة التحتية وهى للتصغير ، وكسر الواو بعد ياء الإضافة ، اجتمعت الياء والواو ، وسكنت السابقة فقلبت ياء وأدغمت فيها الباء وهى التصغير ، وحذفت ياء الإضافة لدلالة الكسرة ، وقرأ حفص هنا وفى الصافات بفتح المثناة ، كما تقول يا غلام بالفتح تخفيفا عن كسر ، أو دلالة على ألف منقبلة عن ياء الإضافة محذوفة . { لا تَقْصًص رُؤيَاكَ } بألف التأنيث فرقا بين رؤية العام والبصر على ما مر ، وقرئ رؤياك بإبدال الهمزة واوا تمد بها الراء ، وسمع الكسائى رياك بضم الراء وكسرها وتشديد الياء وهو ضعيف ، لأن الواو فى تقديره الهمزة ، فلا يقوى إدغامها . وحقيقة الرؤيا انطباع الصورة المنحدرة من أفق المتخيلة إلى الحسن المشترك والصادقة منها ، إنما تكون باتصال النفس بالملكوت لما بينهما من التناسب عند فراغها من تدبير البدن أدنى فراغ ، فيتصور بما فيها مما يليق بها من المعانى الحاصلة هناك ، ثم إن المتخيلة تحاكيه بصورة تناسبه فترسلها إلى الحس المشترك ، فتصير مشاهدة ، ثم إن كانت شديدة المناسبة لذلك المعنى بحيث لا يكون التفاوت إلا بالكلية والجزئية ، استغنت الرؤيا عن التعبير ، وإلا احتاجت إليه قاله القاضى وهو حسن جدا ، والله سبحانه يخلق فى قلب النائم اعتقادات كما يخلقها فى قلب اليقظان . { عَلى إخْوتِكَ } يهودا ورويل وشمعون ولاوى وريالون ودينه ودان ويشجر ويفثالى وجاد وأشر ، السبعة الأولى من ليا بنت خالة يعقوب ، والأربعة الآخرون من سبريتين زلفة وبلهة ، فلما توفيت تزوج أختها راحيل ، فولدت له بنيامين ويوسف ، وقيل جمع بينهما لأنه لم يكن الجمع بين الأختين محرما فى شريعته ، والمعنى لا تخبر إخوتك برؤياك لأنهم يعرفون تأويلها . { فَيَكيدُوا لَكَ كَيداً } نصب الفعل فى جواب النهى ، أى إن قصصتها عليهم كادوك ، يعنى يحتالوا فى هلاكك لعلمهم بتأويلها ، عرف يعقوب من رؤياه أن يوسف يبلغه الله مبلغا من الحكمة ، ويفوقه على إخوته ، ويصطفيه للنبوة وينعم عليه بشرف الدارين كما فعل بآبائه ، فخاف عليه حسد الإخوة وبغيهم ، وعدى يكيد باللام لتضمنه معنى فعل قاصر ، وهو يحتال كما ذكر ، أو يضم أو هى مثلها فى نصحت لك ، وشكرت لك ، يقال نصحتك ونصحت لك ، وكذا فى شكر وكاد . { إنَّ الشَّيْطان للإنْسانِ عَدوٌ مُبينٌ } ظاهر العداوة أو مظهرها ، ألا ترى ما فعل بآدم وحواء فلا يقصر فى تسويلهم ، وإثارة الحسد فيهم حتى يحملهم على الكيد ، فما أسرع كيدهم إن قصصت عليهم ، إذ تجتمع عداوة الحسن ووسوسة العدو القديم ، واستدل بعضهم على عدم نبوة إخوة يوسف بما كادوه . وقال ابن زيد إنهم أنبياء ، وفعلوا ذلك قبل النبوة ، وكذلك إنما يرتعون ويلعبون قبل النبوة ، ذكر ابن جرير ، وابن المنذر ، أن أبا عمرو قيل له كيف تقرأ نرتع ونلعب بالنون وهم أنبياء ؟ فقال لم يكونوا يؤمئذ أنبياء ، واتفقوا على أنهم صلحاء ، واختلفوا فى نبوتهم ، ولذلك ذكرهم البوصرى بالصلاح المتفق عليه ، لا بالنبوة المختلف فيها ، إذ قال وسمعتم بكيد أولاد يعقوب أخاهم وكلهم صلحاء أو لاختياره عدم النبوة ، والصحيح أنهم أنبياء ، لقوله سبحانه وتعالى { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط } إذا الأسباط هم أولا يعقوب وإنزال الوحى يخص الأنبياء وقوله { وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط } وأما ما صدر منهم ، فإنما هو عن التأويلات ، تراها شريعة ، وكثير من الأمة بل أكثرها يقولون إنما عصمة الأنبياء بعد النبوة ، ولكن الصحيح عصمتهم قبلها أيضا ، وهو مذهبنا ، واختلفوا فى الصغائر أيضا بعد النبوة ، لأشهر عندنا عصمتهم ، والذى عندى عدم عصمتهم عنها بعدها وقبلها ، لكثرة أدلته ، والتعبير فى إخوة يوسف بنحو الحسد والبغض بناء على عدم نبوتهم ، أو لكون أفعالهم على صورة البغض والحسد . قيل للحسن أيحسد مؤمن ؟ قال ما أنساك بنى يعقوب ، ولذلك قيل الأب جلاب ، الأخ سلاب ، والحسد ضرورة فى الإنسان ، ولكن إذا حسد فلا يبغى ، وفي الحديث " المؤمن لا يكون حسادا " أى ذا حسد أى وإذا صدر منه فليتب . وروى أن يوسف قصها عليه ، لأن نهى أبيه له شفقة عليه لا تحريم عليه يقصها ، مع أنها له فلا سر لأحد فيها ، وذلك أنها لما أخبرتهم قالوا له يا يوسف أحق لما رأيت ؟ فقال فى نفسه إن أخبرتهم خالفت والدى ، وإن قلت لم أر كذبت ، ولا يليق الكذب بنبى ، فقالوا له بحق آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ألا ما أخبرتنا لما رأيت ؟ فقال رأيت كذا وكذا ، وقيل نسى استكتام أبيه فأخبرهم .