Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 62-62)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقالَ } يوسف { لِفِتْيانه } جمع فتى على الصحيح وهو خلاف القياس ، وقيل اسم جمع ، وقرأ حمزة والكسائى وحفص لفتيانه ليوافق قوله { فى رحالهم } فى أن كلا جمع كثرة ، والكثرة مراده ، فإن الرجال عشرة أو أحد عشر ، ووكل بكل رجل فتى يعبئ له بضاعة ، بخلاف الفتية ، فإنه جمع قلة ففتية كإخوة ، وفتيان كإخوان على قراءة الجمهور فالمراد الكثرة أيضا ، والمراد بالفتيان غلمانه الكيالون ، أو وأتباعه الذين استعملهم فى الكيل . { اجْعَلوا بضَاعتَهم } الإضافة للجنس ، فالإفراد كالجمع أو إفراد لأن الكيل بضاعة واحدة ، فرقت ما أتوا به للبيع وهو دراهم أتوا بها ليشتروا بها الطعام ، وقيل ذهب وفضة ، وعن ابن عباس نعال وأدم واقتصر عليه فى عرائس القرآن . { فى رحَالهم } جمع رحل وهو الوعاء الذى يحمل فيه الطعام أو غير { لَعلَّهم يعْرفونَها } أى يعرفون لها يدا وتكرمة ، أى يعرفون حقها وضمير النصب للبضاعة { إذ انْقلبُوا } متعلق بيعرف أى وصلوا { إلى أهلهِم } وبلغوهم بأن يقيموا أوعيتهم فيجدوا فيها البضاعة ، ولعل للترجى ، ويجوز أن تكون للتعليل ، أى لكى يعرفوا أنها بضاعتهم ردت إليهم . { لعلَّهم يرْجعُون } ترجع أو تعليل ، والجملة بدل اشتمال من قوله { لعلهم يعرفونها } فتحصل أن الجعل فى الرحال سببه إرادة الرجوع ، أو لعل هذه ترج بالنسبة إلى المعرفة ، أى لعل معرفتهم بها تدعوهم إلى الرجوع ، وذلك أنهم إذا رأوها فى رحالهم فى الرجوع لهذا الذى يعطى الطعام فى وقت غلائه بلا قيمة . وقال الكلبى تخوف أن لا يكون عند أبيه من البضاعة ما يرجعون به مرة أخرى ، سواء يريدون شراء الطعام مرة أخرى وهو الأليق بتلك السنين أم لم يردوا إذ لا يحسن رجوعهم بلا شئ ، وقيل لا يرى أخذ الثمن من أبيه وإخوته لوما ، ولا سيما فى حال الشدة فتركها عونا لهم على شدة الزمان ، وقيل أراد أن يحسن إليهم سرا ، حتى لا يلحقهم ذل وخضوع فى ذلك ، ولا يطمع كل من سمع بذلك فى مثله ، وقيل لأنه علم أن ديانتهم تحملهم على الرجوع بها ، بأن يرجع كل منهم بما وجد فى رحله مخافة أن يكون قد ذهل عنه ، فلم يأخذه ، أو تحرجا من طعام بلا ثمن فيتحصل غرضه من رجوعهم . وقد قيل معنى { لعلهم يرجعون } لعلهم يردونها ، فالأصل لعلهم يرجعون بها ، ولا يضيف هذا بسرورهم بها حيث وجدوها فى رحالهم ، لأنه ظن أن يتحرجوا ويردوها ، وما ظنهم يغنمونها ، ولو لم يجعلها فى رحالهم لأمكنهم أن لا يرجعوا فيتعذروا بالفقر ، وقلة ذات اليد فيما قيل ، وقيل جعلها فى رحالهم توطئة لجعل السقاية فى رحل أخيه ، ولما أرادوا المسير أمرهم بالدخول عليه ، وأقبل عليهم بكليته ، وأمر ترجمانه فقال إن الملك قد فعل بكم فعلا جميلا ، وأولاكم طولا جليلا ، وأنه يودعكم ويقول لكم أبلغوا سلامى إلى أبيكم وقولوا له إنى سمعت همه وغمه ، وإنى قائل له عليك بالصبر الجميل ، فإن النصر مع الصبر ، واليسر مع العسر ، والله لطيف بعباده . وساروا وتركوه كأنه يغلى فى المثلات شوقا إليهم وإلى إخيه وأخته وأبيه ، وقد أوحى الله إليه أن لا تخبرهم بذلك يوسف ، ليكتمل أجر يعقوب بمكابدة بالصبر وتتفسر الرؤيا الأولى ، ما تولوا منزلا بعد رجوعهم إلى أهلهم إلا أقبل عليهم أهله بأنواع الكرامات ، قال شمعون ما التفت إلينا أحد حين قصدنا مصر ، ولما رجعنا صار الناس يكرموننا ، فقال لهم يهودا ما أكرمكم إلا لأثر حضرة الملك .