Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 65-65)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ولمَّا فتحُوا مَتَاعَهم } أى حملوه من مصر ، فالمراد الطعام أو أوعيته أو كليهما { وجَدُوا بِضَاعتَهم رُدَّت إليهمْ } وقرئ ردت بكسر الراء نقلا من الدال المدغمة ، والجمهور يحذفون كسرها حذفا ، فتبقى الراء على ضمها ، ولما علم يعقوب السلام برد البضاعة ضرب بيده إلى رأسه مرتين وقال واخجلتاه ! قالوا يا أبانا مالك ؟ قال لو كان لكم عنده قيمة ما رد عليكم بضاعتكم كذا قيل . { قالُوا يا أبانا ما نَبْغى } ما استفهامية مفعول لنبغى ، أى أى شئ نطلب فوق هذا الإحسان ، أكرمنا وباع لنا وردٍ بضاعتنا ، قاله قتادة ، أو نافية والمفعول محذوف ، أى لا نطلب وراء ذلك إحسانا ، فإنه لا مزيد عليه ، أو نافية ونبغى بمعنى نجاوز الحد ، أى لا تريد فيما ذكرنا لك من إحسانه ، أو بمعنى نكذب ، فإن الكذب مجاوز للحد ، وطغيان أى لا تكذيب فيما ذكرنا لك من إحسانه ، وما أردنا بقولنا { فأرسل معنا أخانا } إلا الخير ، ويجوز أن يكون المراد لا نطلب منك بضاعة أخرى ، بل نذهب بهذه البضاعة المردودة إلينا ، وقرأ ابن مسعود وأبو حيوة ما تبغى بالتاء خطابا ليعقوب ، أى أى شئ تطلب وراء هذا من الإحسان ، أو من الشاهد بصدقنا . { هَذِه بضَاعتُنا رُدَّت إلَينْا } مستأنفة استشهدوا به على قولهم { ما نبغى } على القراءتين ، وعلى الأوجه المذكورة كلها لا على وجه تفسير بنفى بتكذب فقط ، قد يتوهم من بعض العبارات ، وجملة ردت حال من بضاعة . { ونَميرُ أهْلنا } معطوف على محذوف ، أى ردت إلينا فنستظهر بها ، ونمير أهلنا فى رجوعنا إلى الملك ، أى نأتيهم بالميرة وهى الطعام المحمول من بلد لآخر { ونَحفظُ أخَانا } بنيامين عما يضره فى ذهابنا ورجوعنا { ونَزْدادُ } نفتعل من الزيادة ، قلبت التاء دالا للزاى قبلها { كيْل بَعيرٍ } لأجله على كيل أبعرتنا فى هذه المرة الثانية ، فيكون جملة كيلنا فى المرتين معا اثنين وعشرين كيلا أحد عشر فى كل مرة ، وقيل المراد بهذا الكيل الذى يزدادونه كيل بعير بنيامين لأنه كان يوسف لم يكل له أول مرة حتى يحضر ، وزيادته إما على كيلهم السابق ، أو على الذى يريدون تجديده ، وإذا جعلنا ما نافية جاز عطف الجمل على المحذوف كما مر وهو المتعين عند جعلها استفهامية ، وجاز عطفهن على ما نبغى . { ذلكَ } الكيل الذى كلناه { كَيْلٌ يَسيرٌ } قليل لا يكفينا إلا بزيادة كيل أخينا ، أو كلينا وكيله ، أو ذلك الكيل الذى نزداده لأخينا كيل سهل لا يمنعنا الملك منه ، وقد أحسن إلينا وأكرمنا بأكثر منه ، وهو سخىّء أولا يمصلنا فيه ، بل يتبرع بنا به فيرجع عن قريب إن شاء الله ، وذلك الكيل الذى يتجدد لنا ولأخينا هيِّن وما هو الأحد عشر حمل بعير ، وهى فى كرمه كحمل واحد . ويجوز على ضعف أن يكون ذلك من كلام يعقوب أوصل بكلامهم على حد ما مر فى قوله { ذلك ليعلم أنى } الخ أى أن كيل بعير شئ حقير لا يخاطر فيه بالولد ، قال ما زالوا يتملقون له فى إرساله ، ويذكرون له محاسن الملك ، وسخاءه وديانته وعطيته ، وأن سيرته كسيرة الأنبياء ، وما يجيبهم بشئ سوى قوله { هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين } ولما أعياهم قام واحد منهم ففتح رحله ، فقاموا كذلك فوجدوا بضاعتهم ، فازدادوا احتجاجا عليه ، فسكن قلبه بعدَ سكون إلى بعث بنيامين ، ولكن لم يحبهم حتى فنى ما عنده من الطعام ، ودخل الصبيان عليه يبكون من الجوع ، فأجابهم بأن يرسله معهم ، على أن يعطوه ميثاقا من الله كما قال الله عز وجل { قَالَ لن أرْسِله معَكَمْ … }