Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 88-88)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فلمَّا دخَلُوا عَليه } الخ ففى الكلام حذف تقديره فرجعوا إلى مصر متحسسين من يوسف وأخيه ووصلوها ، فلما دخلوا على يوسف الخ ، وهذا ذهاب ثالث إلى مصر { قالُوا يا أيُّها العزيزُ } أى الملك ، سُمى عزيز لعزته وغلبته { مسَّنا وأهْلنَا الضرَّ } والجوع حتى هزلنا لشدته . { وجئنا ببِضاعةٍ } قال الثعلبى فى عرائس القرآن كانت دراهم رديئة زيوفا لا تنفق فى شئ إلا بوضيعة ، وقال أبو مليكة عنه خرق الغرائر والحبال ، ورثة المتاع ، وقال عبد الله بن الحارث بن الحسن متاع العرب الصوف والسمن والإقط ا هـ . وقال الكلبى ومقاتل الحبة الخضراء وقيل الصنوبر والحبة الخضراء وهى الفستق ، وقيل بضاعتهم سويق المقل ، وقيل سويقه والإقط ، وقيل الأدم والنعال . { مُزْجاةٍ } تدفع وترد لرداءتها أو لقلتها أو لهما معا ، فلا تنفق فى الطعام أو غيره إلا بتحيل من صاحبها ، أو بتساهل من البائع يقال أزجيت الشئ دفعته ليذهب ، وأزجت الريح السحاب وأزجى الزمان بعضه بعضا أى دفعه ، وكانوا لا يأخذون فى الطعام إلا الجياد . { فأوْفِ لنا الكَيلَ } بها كما توفيه بالبضاعة الجبدة { وتَصدَّقْ عَلينا } زيادة على إيفاء الكيل ، أو تفضل علينا بقبولها وإجازتها ، أو أو برد أخينا بنيامين كما قال الداودى عن ابن جريج ، وكذا قال الضحاك ، والصدقة كانت محرمة على الأنبياء ، وقيل كانت تحل لغير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . وسئل سفيان بن عيينة عن ذلك فقال ألم تسمع { وتصدق علينا } أراد أنها حلال لهم ، رواه عبد الجبار بن العلاء ، والجمهور على الأول ، لأن الأنبياء ممنوعون عن الخضوع للناس ، والأخذ منهم ، والصدقة وسخ الناس ، وهم مستغنون بالله عنهم ، وإنما أرادوا بالتصدق فى قولهم { وتصدق علينا } أن يجرى لهم على عادته فى المسامحة وإيفاء الكيل ونحو ذلك ، مما يفعل بهم من الكرامة وحسن الضيافة ، لا نفس الصدقة ، وإنما يحل للأنبياء ما كان هدية أو إكراما لا صدقة برسم الخضوع ، أو باسم للصدقة كما يتصدق على المساكين ، ولا زكاة . قال التلاتى الصدقة تمليك يقصد به الثواب ، والهدية تمليك يقصد به التعظيم ، وقال أيضا هو وغيره إنهما لا يفترقان إلا فى شيئين هما أن الهبة يرجع فيها الواهب لا الصدقة ، وأن الهبة يصح الرجوع فيها بالبيع ، ولا يجوز فى الصدقة ولو على ابنه انتهى . وقيل يجوز رجوعها بشراء أو إرث أو غيرهما مما ليس إبطالا لها ، وقيل إنما حرمت الزكاة على نبينا صلى الله عليه وسلم لا الصدقة ، وامتناعه من أكلها لا تنزه تحريم ، وهذا خلاف ظاهر قوله " إنا معشر الأنبياء لا نأكل الصدقة " إلا إن حملت الصدقة فيه على الزكاة ، وهو الذى سبق فى حفظى ورويته ، وكذا البحث فى إعطاء سلمان له رطبا قائلا له إنه صدقة فرده ، وأعطاه بعد وقال هدية فقبلها . وظاهر الآية أن إخوة يوسف طلبوا الصدقة بتمسكن وخضوع ، ولذلك رق لهم وعرف لهم نفسه ، ويدل لذلك قوله تعالى عنهم { إنَّ الله يَجْزى المتصدِّقينَ } أحسن جزاء بالخلف فى الدنيا والآخرة ، وليس القول ببنبوة إخوته متعينا ، والمتصدق من يريد بصدقته الثواب . سمع الحسن رجلا يقول اللهم تصدق علىَّ فقال إن الله لا يتصدق ، إنما يتصدق من يبتغى الثواب ، قل اللهم أعطنى وتفضل علىَّ كذلك قيل . قلت الحق جواز إطلاق التصدق على الفضل مطلقا سواء كان مع ابتغاء ثواب أم لا ، ففى الحديث فى شأن قصر الصلاة " هذه صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته " ولعل اختصاصه بابتغاء الثواب عرف ، ولما يقولوا إن الله يجزيك ، لأنهم لم يعلموا أنه مؤمن كذا قال الضحاك ، وقيل علموه مؤمنا ، ولكن أتوا بصيغة تعمه وتعم كل متصدق ، ولما تمسكنوا له وخضعوا ، وطلبوا التصدق ملكته الرحمة لهم ، وارفضت عيناه بالدموع ، فشرع فيما يفضى به إلى تعريف نفسه لهم إذ قال ما حكى الله عنه فى قوله { قالَ هَل علمتُم … }