Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 22-22)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ والذِينَ صَبرُوا } على الطاعة ، وعن المعصية والشهوات ولو مباحات ، وعلى المصائب ، وعما يريده هواه ، وهذا أولى من قول عطاء صبروا على المصائب ، ومن قول بعض على الطاعة ، ومن قول ابن عباس على أمر الله ، ومن قول بعض عن الشهوات والمعاصى للعموم . { ابتغاءَ وجْه ربِّهم } وجه الله هو الله ، كما تقول نفس زيد ، وذات زيد ، والمراد صبروا طلبا لرضا الله سبحانه ، وعلى ذلك يثابون ، لا ليقال فلان صبور ، أو لئلا يعاقب عليه الجزع فى نحو مصيبة ، أو لئلا يعاقب على الجزع ، أو لئلا تشمت به الأعداء ، أو صبر عن معصية لعدم تيسرها ، أو لعدم موافقتها طبعه أو نحو ذلك ما ليس لله ، فإنه لا ثواب عليه ، بل يعاقب على مسمعته وريائه . { وأقامُوا الصَّلاة } إتمامها فى نفسها ووظائفها ، والمراد المفروضة على ما يتبادر لى ، وقيل المفروضة والنافلة ، واختاره بعضهم ، قال صلى الله عليه وسلم " من حافظ على الصلوات الخمس على وضوئها ، ومواقيتها ، وركوعها ، وسجودها ، يراها حقا لله عليه حرم على النار " { وأنفقُوا ممَّا رزقْناهم } أى انفقوا فى طاعة الله لصلة الرحم والصدقة على الفقير ، وفى الجهاد النفقة الواجبة فى أهلها كالزكاة والنافلة { سراً } إذا كانت نافلة { وعَلانيةً } إذا كانت واجبة مطلقا بنية إعزاز شعائر الله وتعظيمها ، أو كانت نافلة بنية أن يقتدى به مع سلامة قلبه من الرياء ، وقيل أسرار النفل مطلقا أولى ، إذ لا يدرى ما يفجأه عليه من المفسدات ، ولحديث " إن عمل السر مضاعف على عمل العلانية " وأما حديث " إنه إذا أخبر بعمله بقيت له حسنة واحدة " فلعله فيما إذا لم يخبر به لرياء أو سمعة ، وإلا لم تبق له واحدة ، بل آب بوزره . وقال الحسن المراد فى الآية الزكاة يؤديها الإنسان سرا إذا لم يعرف بالمال أو عرف به ، ولم يتهم على منعها ، وعلانية إذا عرف به واتهم على منعها ، وقيل إذا عرف به أداها علانية ولو لم يتهم . قلت إن أراد لإعطائها إزالة التهمة فقط أو إزالتها وثواب الله لم يثب عليها ، وإن أراد بإعطائه ثوابه فقط ، ولكن لما لم يجد بدا من إظهارها ، فإظهارها بنية اجتناب نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل الإنسان ما يتهم عليه لا بنية مجرد الذب عن نفسه أثيب فافهم . وقيل المراد بالإنفاق سرا إنفاق الزكاة بنفسه ، وبالإنفاق علانية أداءها إلى الإمام ، والمذهب أنها لا يجزى صاحبها المعطى لها بنفسه إلا إن أذن له الإمام ، إذا كان الإمام . وقيل المراد بالأول النفل ، وبالثانى الفرض ، ويجوز أن يريد بذكر السر والعلانية الكناية عن إكثار الإنفاق ، ومن للتبعيض أو للابتداء ، والزرق يطلق على الحلال والحرام على الصحيح ، وقال به أصحابنا ، ولكن المراد هنا الحلال ، إذ لا مدح على إنفاق الحرام ، بل ذم ، وزعمت المعتزلة أن الرزق لا يطلق إلا على الحلال ، وإن أكل الحرام أو المستنفع به أكل ما ليس رزقا له ، أو مستنفع بما ليس رزقا له ، والنصب على الحال ، أى ذوى سر وعلانية ، أو مسرين ومعلنين ، أو على المفعولية المطلقة ، أى إنفاق سر وعلانية ، والظرفية أى وقت سر وهو الوقت الذى إذا أنفقوا فيه لم يظهر مثل الوقت الذى لم يحضر سوى الأخذ ، أو خص من هو مجنون أو سكران أو نائم أو أعمى ، ووقت العلانية وهو الوقت الذى إن أنفق فيه ظهر . { ويدْرءونَ } يدفعون { بالحسَنة } أى بالفعلة الحسنة { السَّيئةَ } الفعلة السيئة ، كالظلم بالعفو ، والقطع بالوصل والحرمان بالإعطاء ، والكلام القبيح بالحسن ، والأذى بالصبر ، " قال رجل يا رسول الله إن لى جارا يسئ مجاورتى أفأفعل به كما يفعل بى ؟ قال " لا إن اليد العليا خير من اليد السفلى " وذلك قول ابن عباس والحسن . وقيل عن ابن عباس يدفعون بالحسن من الكلام ما يرد عليهم من سيئ غيرهم ، وعنه يتبع الذنب بعمل صالح يدفعه به ، قال صلى الله عليه وسلم " إذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة تمحها السر بالسر والعلانية العلانية " وقال ابن كيسان يدفع الذنب بالتوبة ، وقيل يدفعون المنكر بالنهى عنه . { أولئكَ لَهم عُقْبى الدَّار } أى عقبى هذه الدار الحاضرة التى هى الدنيا وعقباها الجنة ، لأنها تأتى عقبها أو عقبى الدار الكاملة ، وهى الآخرة ، وعقباها الجنة ، وأضيفت إليها لأنها فيها ، أو الدار العاقبة ، أو عاقبة هى الدار الكاملة وهى الجنة .