Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 30-30)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كَذلكَ أرْسلناكَ } أى كما أرسلنا رسلا إلى أمم قبلك أرسلناك { فى أمةٍ قَدْ خَلتْ } مضت { مِنْ قَبلها أممٌ } أرسل الرسل إليهم ، فليس إرسالها بدعا { عَليهم الذِى أوْحينَا إليكَ } وهو القرآن ، والهاء فى عليهم للأمة ، قال صلى الله عليه وسلم " أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله " { وهُم } أى قومك والواو للحال من فاعل فى أرسلناك { يكْفرونَ بالرَّحْمن } أى بالله الذى هو المنعم بجلائل النعم ودقائقها ، نعم الدنيا والآخرة ، ومنها إرساله إياك إليهم ، وإنزال القرآن المتعلقة به منافع الدين والدنيا ، فالمراد بالرحمن الذات الواجب الوجود ، وذلك أنهم كفروا بهذا اسم الذى هو قولك الرحمن ، والكفر باسم من أسماء الله كفر بالله تعالى . ويجوز أن يراد بالرحمن فى الآية هذا الاسم ، ويقدر على هذا الوجه مضاف فى قوله { هو ربى } أى هو اسم ربى . " لما صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فى الحديبية قال لعلى أُكتب " هذا ما صالح محمد رسول الله " قال سهل بن عمر إن كنت رسولا لقد ظلمناك ، ولكن اكتب هذا ما صالح عليه ابن عبد الله ، قال المسلمون دعنا نقاتلهم ، قال " لا لكن اكتبوا ما يريدون " وكتب بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال أما الرحمن فلا نعرفه إلا رحمن اليمامة وهو مسيلمة ، ولكن اكتب باسمك اللهم ، وكانت الجاهلية يكتبون ذلك ، فقالوا دعنا نقاتلهم ، فقال " لا لكن اكتبوا ما يريدون " فنزل { كذلك أرسلناك فى أمة } إلى { وإليه متاب } " فالآية مدنية ، وبه قال مقاتل ، وابن جريج ، وقتادة . والمعروف أنها مكية ، وأن سببها أن أبا جهل سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو فى الحجر يا الله ، يا رحمن ، فرجع إلى المشركين فقال إن محمدا يدعو إليهن اثنين ، يدعو الله ، ويدعو إلها آخر يسمى الرحمن ، ولا نعرف رحمن إلا رحمن اليمامة فنزلت ، وقال الضحاك ، عن ابن عباس نزلت فى قولهم وما الرحمن حين قال لهم { اسجدوا للرحمن } ونزل فى ذلك أيضا { قل ادعو الله أو ادعو الرحمن } الآية وكذلك قال الحسن . { قلْ } يا محمد { هْو ربِّى } مبتدأ وخبر ، أو هو ضمير الشأن مبتدأ ، وربى مبتدأ وقوله { لا إله إلاَّ هُو } خبر مبتدأ ، والجملة خبر الشأن ، أى لا أهل للعبادة سواه ، ولا شريك له كما زعم قائلكم إن محمداً يدعو إلهين . { عَليه } لا على غيره { توَكَّلتُ } فى نصرتى عيلكم جميع أمورى { وإليه } لا إلى غيره { مَتَابِ } أى مرجعى ، وهو مصدر ميمى بمعنى الرجوع ، أى لا أرجع إلا إليه بالبعث للجزاء على مصابرتكم ومجاهدتكم ، وحذفت ياء الإضافة ، ودلت عليهما الكسرة . قال ابن عباس وغيره " إن نفرا من مشركى قريش ، منهم أبو جهل ، وعبد الله بن أمية ، جلسوا خلف الكعبة ، وأرسلوا خلف النبى صلى الله عليه وسلم فأتاهم ، وقيل مر بهم وهم جلوس ، فدعاهم إلى الله عز وجل ، فقال عبد الله بن أمية إن سرك أن نتبعك فسير جبال مكة بالقرآن ، وأذهبها عنا حتى نتفسح ، فإنها أرض ضيقة ، فتتخذ فيها بساتين ومزارع ، واجعل لنا أنهار نسقى ذلك بها إن كنت نبيا كما زعمت ، فلست بأهون على ربك من داود ، إذ سخر له الجبال ؟ قال " لا أقدر على ذلك " . قالوا فسخر لنا الريح لنركبها إلى الشام فى ميرتنا وحوائجنا ، ونرجع من يومنا ، فقد شق علينا قطع المسافة البعيدة ، كما سخرت لسليمان ، ولست بأهون على الله منه إن كنت كما زعمت ؟ قال " لا أستطيع " . قالوا فابعث لنا جدك قصيا أو فلانا وفلانا لنسألهم عن أمرك أحق أم باطل ، فإن عيسى كان يحيى الموتى ، ولست بأهون على الله منه إن كنت رسوله ؟ قال " لا أستطيع ذلك " فنزل { ولَو أنَّ قُرآناً … } " .