Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 47-47)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ سَلاَمٌ عَلَيْكَ } لا أجازيك ولا أصيبك بمكروه . وذلك أنه لم يؤمر بقتاله ، وفى ذلك توديع ومتاركة ومقابلة السيئة بالحسنة ، وخطابُ حليم لسفيه ، كقوله عز وجل { لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغى الجاهلين } { وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما } وفيه دليل الهجران والمفارقة . وقيل ذلك سلام تحية . والجمهور الآن على منع ابتدائك الكافر بالسلام . ويجوز أن يكون تحية كما قال غير الجمهور فإن الدعاء بالسلام ليس بأشد من الاستغفار الذى وعده ووفى به ، وقصده بالتحية استمالة قلبه . { سأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّى } سأسأل ربى أن يوفقك للتوبة والإيمان فتنال المغفرة وذلك حين أعياه أمره . وقد وفى بوعده بقوله المذكور فى الشعراء { واغفر لأبى } وهذا قبل أن يَبِين لإبراهيم بالوحى ، أو بالموت على الكفر أنه عدو لله . وفى الآية دليل على جواز الدعاء بالتوبة ، والهداية للكافر ما لم يمت على الكفر ، أو ينزل فيه النص على أنه شقى . والمشهور المنع . وأما أن يقال اللهم اغفر ذنوب فلان الكافر فلا يجوز . قيل إلا على شريطة التوبة عن الكفر ، وذلك ولاية الشرطية ، وهى وبراءة الشريطة غير جائزتين عندنا ، وهالك من عمل بهما الآن ، وأجازهما بعض أصحابنا المشارقة . وقد حمل بعضهم الآية على استغفاره لذنوب أبيه مشترطا لتوبته ، كما ترد الأوامر والنواهى على الكفار . والمراد اشتراط الإيمان وكما يؤمر المحدِث بالصلاة ويراد اشتراط الوضوء ويؤمر الفقير بالزكاة ويراد اشتراط النصاب . وقيل وعده بالاستغفار ووفى لأن عقله يمنع من ذلك . وهذا إيماء إلى أن الأشياء قبل ورود الشرع فيها على الحل ، إلا ما يكون فِعله من مَناكر الأخلاق ، وفِعله من محاسنها . ولما ورد الشرع بامتناع الاستغفار للكافر امتنع قال عز وعلا { إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك } فلو كان إبراهيم قبل شارطا للإيمان لم يكن مستنكَراً ومستثنىً عما وجهت فيه الأسوة . { إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيّاً } الباء متعلقة بما بعدها . والحفى البار . وقيل البليغ فى البِر والألطاف . وعن الكلبى - الحفى الرحيم . وقيل اللطيف . وقيل ذو المنزلة ، أى هو بى حفى فيجيب دعائى ولا يرده ، وقد عودنى الإجابة . وفى ذلك شكر من إبراهيم عليه السلام لنعم الله تعالى .