Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 72-72)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُمَّ نُنَجِّى } وقرأ الكسائى بالتخفيف وإسكان النون . وقيل هذه أيضا قراءة يعقوب . قيل وقرئ ننجى بالبناء للمفعول ولا وجه للمفعول ليلة بنون واحدة فيكون ماضيا مكسور الجيم مفتوح الياء للاستقبال . وقرأ ابن مسعود وابن عباس والجحدرى وابن أبى ليلى بفتح الثاء على الظرفية . { الَّذِينَ اتَّقُوْا } الشرك والكفر منها { وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا } فى النار أو حولها . { جِثِيّاً } فيمضى المسلمون منها أو من حولها ويبقى الكافرون فيها أو يبقون حولها ثم يطرحون فيها . قال ابن عبد البر - من علماء الأندلس وزهادها فى التمهيد - بعد أن ذكر رواية الورود بمعنى الدخول وعن كعب الأحبار أنه تلا { وإن منكم إلا واردها } فقال أتدرون ما ورودها ؟ إنه يجاء بجهنم فتمسك للناس كأنها متن إهالة يعنى الوَدَك الذى يجمع على القِدر من المرقة ، حتى إذا استقرت عليها أقدام الخلائق بَرِّهم وفاجرهم نادى مناد أن خذى أصحابك وذرى أصحابى ، فتخسف بكل ولى لها ، فهى أعلم بهم من الوالدة بولدها ، وينجو المؤمنين ، نَدِّيةً ثيابهم . انتهى . والمراد بالظالمين ظالموا أنفسهم بالشرك ، أو بالكبيرة غير الشرك . فأصحاب الكبائر ممن يخلد فيها . وقومنا يقولون إن الظالمين المشركون ، أو هم وأصحاب الكبائر . فتركهم فيها إدخالهم وتعذيبهم ، ثم يخرج أصحاب الكبائر بعد . واحتج بعض القوم على أن الظالمين المشركون ، وأن الذين اتقوا من اتقى الشرك ولو مات على الكبيرة بأن من آمن بالله ورسوله صح أن يقال إنه متق عن الشرك . ومن صدق عليه المركّب صدق عليه المفرد ، ومن صدق عليه أنه متق عن الشرك صح أنه متق . ومن صدق عليه ذلك وجب أن يخرج من النار لعموم { ثم ننجى الذين اتقوا } . قلت هذا بمعزل عن التحقيق فإنه ليس من صدق عليه المركب صدق عليه المفرد . ألا ترى أن المداد مركب من زاج وعفص وعلك ولا يقال إن المداد زاج وحده ، أو عفص ، أو علك ، وزيد قائم يصدق عليه أنهُ كلام ولا يصدق عليه بأنه كلمة إلا مجازا ، على ما فيه من البحث فى محله . ويلزم على قول ذلك القائل أن من صلى صدق عليه أنه صلى الصلوات كلها ولو كان صلى بعضا فقط لعموم صلى . ورووا عن أبى هريرة أن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال هل تُمارون فى القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟ قالوا لا . قال هل تمارون فى الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا لا . قال فإنكم ترونه . يحشر الناس يوم القيامة فيقال من كان يعبد شيئا فليتبع . فتابع الشمس ، وتابع القمر ، وتابع طالوت ، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها ، فيأتيهم الله فيقول أنا ربكم . فيقولون هذا مكاننا حتى يأتينا . فإذا أتانا عرفناه . فيأتيهم الله فيقول أنا ربكم . فيقولون أنت ربنا . فيدعوهم ، ويضرب الصراط على جهنم ، فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته . ولا يتلكم يومئذ إلا الرسل . وكلامهم يومئذ اللهم سلّم سلّم . قلت هذا حديث افتروه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبوأوا به منازل فى النار كيف يُرَى ؟ وفى الرؤية تجسيم ولون وجهات وخلو الأماكن عنه والحلول ، والله لا يوصف بذلك ولا بَعَرض ؟ وكيف يخرج منها من دخلها مع أن من عصى الله ومات عاصيا نص الله عليه بخلوده والعصيان يعم كل كبيرة . ولو صح حديث فى ذلك غير ما افتروه لخصصنا به العموم ، ولو جاز أن يدخل النار من يخرج منها لجاز أن يدخل الجنة من يخرج منها فيدخلها مشرك يتنعم بقدر ما عمل ومنافق كذلك ثم يخرجا . وقد يقول الخصم إن المشرك والمنافق أذهبا طيباتهما فى الدنيا فلا يدخلان الجنة ويخرجان ، بل المشرك لا يدخلها أصلا . والمنافق يدخلها بعد الخروج من النار ، ولا يخرج منها لسبق الرحمة الغضبَ . والجواب والرد فى محلهما . وقالوا يخرج منها كل من فى قلبه حبة إيمان ، ويبقى رجل من بين الجنة والنار ، وهو آخر أهل النار دخولا الجنة فيقول يا رب اصرف وجهى عن النار قد أحرقنى حرها . فيقول هل عسيت إن فعلتُ ذلك بك أَن تسأل غيره ؟ فيقول لا وعزتك ، فيعطى الله ما شاء من عهد وميثاق فيصرف وجهه عنها إلى الجنة ، فيراها فيسكت ما شاء الله . فيقول يا رب قدمنى إلى باب الجنة . فيقول الله أليس قد أُعطيت العهود والميثاق لا تسأل غير الذى سألت ؟ فيقول يا رب لا أكون أشقى الناس . فيقول فهل عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسأل غيره ؟ فيقول فهل عسيت إن أعطيتك أن تسأل غيره ؟ فيقول وعزتك لا أسأَلك غير ذلك . فيعطيه ما يشاء من عهد وميثاق ، فيقدمه إلى بابها . فإذا رأى زهرتها سكت ما شاء الله جل وعلا . فيقول يا رب أدخلنى الجنة . فيقول ويحك يا ابن آدم ما أغدرك ! ألم تُعْطِ العهد والميثاق ألاّ تسأل غير الذى سألت ؟ فيقول يا رب لا أكون أشقى خلقِك . فيأذن له فى دخول الجنة . فيقول له تمنَّ فيتمنى حتى تنقطع أمنيته . فيقول لك ذلك ومثله معه . رواه أبو هريرة . وقال أبو سعيد إنه يقول لك ذلك وعشرة أمثاله روى ذلك كله المخالفون . ورووا أيضاً عن ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنى لأعلم آخر أهل النار خروجا منها آخر أهل الجنة دخولا الجنة رجل يخرج من النار حَبْواً . فيقول له الله اذهب فادخل الجنة . فيأتيها فتخيل إليه أنها ملئت ، فيرجع فيقول يا رب قد وجدتها قد ملئت . فيقول له اذهب فادخل الجنة فإن لك عشرة أمثال الدنيا . فيقول تسخر بى وأنت الملك ؟ فلقد رأيت رسول الله ضحك حتى بدت نواجذه " . وزعموا أن النار لا تأكل كل لحوم أهل التوحيد ، وأنهم يخرجون كالفحم فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون كالحبة .