Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 118-118)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وقال } للنبى صلى الله عليه وسلم . { الذينَ لا يعْلَمُونَ } هم مشركو العرب فى عهد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عند ابن عباس رضى الله عنهما والربيع والسيد ، وفى رواية عنه رضى الله عنه هم من كان على عهد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، من اليهود ، لأن رافع بن خزيمة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعنا كلام الله . وقال مجاهد هم النصارى ، قلت هم مشركو العرب وجاهلو اليهود ومتجاهلوهم ، وجاهلو النصارى ومتجاهلوهم ، وقد طلب عبدالله بن أمية وغيره من العرب من النبى ، صلى الله عليه وسلم ، أن يسمعوا من الله الكلام ، تعالى الله عن كل شبيه ونقص ، ومرادى بالمتجاهل من يجعل نفسه فى صورة الجاهل ومن يفعل فعل الجاهل . { لوْلا يُكَلّمْنا الله } هل يكلمنا الله عياناً بأنك يا محمد رسول من الله ، ولولا هذه للتخصيص . { أوْ تَأتينَا آيةٌ } من الآيات التى نطلبها منك ، كتوسيع الجبال عن مكة ، وإحياء قصى فيخبرنا بأنك رسول من الله ونحو ذلك ، وهذا منهم إهانة بآياته ، صلى الله عليه وسلم ، ومعجزاته وعدم الاعتداد بهن ، فإنهن لسن ناطقات برسالته حتى طلبوا غيرها ، وذلك عناد ومكابرة ، كما أن قولهم لولا يكلمنا الله استكبار ترفعوا عن أن يكون محمد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم فتعللوا بطلب أن يكلمهم الله برسالته ، ويجوز أن يكون مرادهم لولا يكلمنا الله كما يكلم الملائكة ، وكما كلم موسى ، ولولا كلمنا الله كذلك لكنا مؤمنين بك . { كذلك قَالَ الذينَ مِنْ قَبْلِهم } لأنبيائهم . { مثْلَ قولهم } من التعنت بطلب ما تسولهم به أنفسهم من الآيات ، وإلقاء ما جاءت به رسلهم من الآيات ، وهم كفار الأمم ، قبل اليهود والنصارى ومشركى العرب المعاصرين له ، صلى الله عليه وسلم ، وهم أسلاف اليهود والنصارى ، ومن قال الذين لا يعلمون هم اليهود ، فالذين من قبلهم هم أسلافهم وأسلاف النصارى ، ومن تقدمهم من أمم الكفر ، كقوم إبراهيم وقوم لوط وقوم صالح . ومن قال الذين لا يعلمون هم النصارى ، فالذين من قبلهم أسلافهم وأسلاف اليهود ومن تقدم من أمم الكفر . ومن قال الذين لا يعلمون هم العرب ، قال الذين من قبلهم هم اليهود والنصارى ومن تقدم من أمم الكفر ، ومن كلام اليهود أرنا الله جهرة ، ومن كلام النصارى هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء ؟ ومن كلام العرب قولهم لصالح عليه السلام أخرج لنا من هذه الصخرة ناقة عشراء . { تَشَابَهَت قُلُوبهم } أى قلوب هؤلاء الذين لا يعلمون ، القائلين لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية ، وقلوب الذين من قبلهم القائلين مثل قولهم ، ووجه الشبه العمى والفساد فى القلب ، فتولد منه القول الباطل ، أو وجه الشبه هو طلب ما لا يجوز لهم طلبه والكفر ، وقوله { تَشَابَهت قُلُوبهم } هو مثل قوله { أتواصَوْا بهِ } وقوله { كذَلكَ قَالَ الذين مِنْ قَبلِهِم مِثلَ قَوْلهم } تسلية للنبى صلى الله عليه وسلم بالإخبار بأنه قد قيل للرسل قبله مثل ما قيل له ، ليصبر كما صبروا ، وقرئ تشابهت بتشديد الشين أصله تتشابهت أبدلت التاء شينا أدغمت فى الشين . { قد بيّنّا الآيات لِقوم يُوقِنُونَ } أى قد أوجدنا من الآيات ما ينطق برسالة محمد ويوضحها لقوم قضى الله لهم بأنهم يوقنون ، أو لقوم يوقنون الحقائق مطلقاً ، لا يخالطهم عناد ولا شبهة ، أو لقوم يطلبون اليقين ، وأما هؤلاء الذين تشابهت قلوبهم فإنما كفروا عناداً لا لخفاء فى الآيات ، إذ هن بينات لكل ذى عقل غريزى ، فهن يكفين كل من يعقل كل الكفاية حتى لا يطلب سواهن إلا ليزداد إيمانا ، فقد علمت من كلامى جواز أن يرد بقوم يوقنون المسلمون رضى الله عنهم ، وأن يراد كل من يعقل ويدرك معنى الخطاب وتيقنه ، فإن الإيقان واليقين لا يختصان بالمسلم ولا بالموحد ، لأن حاصله إدراك الأمر بلا شبهة ، فقد يكون للكافر فى الآيات ويكفر عناداً ، والمراد بالآيات آيات القرآن وسائر معجزاته ، صلى الله عليه وسلم ، وقال غيرى ممن تقدم من المفسرين المراد بالقوم الموقنون المسلمون ، خصوصاً وأن اليقين صفة لعلمهم خصوصاً ، وأن الكلام مدح لهم ، وإن قلت كيف يقال أيقن بمعنى طلب اليقين ؟ قلت صح ، من باب قولك أعرق بمعنى دخل العراق ، فإن من طلب اليقين فهو داخل فى شأن اليقين إذا اعتنى باكتسابه .