Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 156-156)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الَّذينَ إذا أصابتْهُم مُصيبةٌ } قطعة تصيبهم من مكروه ، فأصله صفة ثم تغلبت عليه الاسمية ، فصار اسما لكل ما يصيب الإنسان أو غيره روى " أن مصباح رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، انطفأ ذات ليلة فقال " إنا لله وإنا إليه راجعون " فقيل أمصيبة هى يا رسول الله ؟ قال " نعم كل ما أذى المؤمن فهو مصيبة " وقال قال رسول الله صلى الله ، صلى الله عليه وسلم " كل شئ يؤذى المؤمن فهو له مصيبة " وذكر عبدالله بن خليفة أنى كنت أمشى مع عمر بن الخطاب فانقطع شسع نعله فاسترجع . فقلت ما لك يا أمير المؤمنين ؟ فقال انقطع شسع نعلى . فساءنى ذلك ، فكل ما أصابك فهو لك مصيبة ، وروى ابن السنى عن أبى هريرة فى كتابهِ عنه صلى الله عليه وسلم " ليسترجع أحدكم فى كل شئ حتى فى شسع نعله فإنها من المصائب " وذكره أبو نعيم فى الحلية ، والنووى ، وفى مراسيل أبى داود " انطفأ مصباح النبى ، صلى الله عليه وسلم فاسترجع فقالت عائشة إنما هذا مصباح فقال " كلما أساء المؤمنَ فهو مصيبة " وهذا الحديث يدل على أن ما يصيب المؤمن يسمى مصيبة ، لا ما يصيب المشرك والمنافق فإنه نقمة ، وكذا فى أثر أصحابنا لكن لا على اللزوم ، ففى النيل كالتبيين جاز تمنى مصيبة لمن خيف منهُ عصيان إن لم ننزل به والدعاء عليه بها ، وليست بالمصيبة التى يكون عليها الثواب . { قالُوا إنَّا لله } ملكاً وعبيداً فله أن يصيبنا بما يشاء ، ويتصرف فينا كما شاء . فقولهم إنَّا لله يدل على رضاهم بكل ما نزل . { وإنَّا إليْه راجِعُون } بالموت والبعث ، فكيف نكره ما يصيبنا فى هذه الدار التى سنرجع منها إليه ، فقولك إنا لله وإنا إليه راجعون تفويض ورضاً بما أنزل . قال أبو بكر الوراق إنا لله إقرار منا لله بالملك ، وإنا إليه راجعون إقرار على أنفسنا بالهلاك ، قيل ما أعطيت هذه الامة من قولهم إنَّا لله وإنا إليه راجعون عند المصيبة ، ولو أعطيته أحداً لأعطيته يعقوب عليه السلام ، ألا تسمع قوله عند فقد يوسف { يا أَسَفَى عَلَى يُوسُف } وليس الصبر باللسان فى الاسترجاع ، بل هو بهِ وبالقلب معا ، بدأ بالقلب واللسان مخبر ، وذلك أن يتذكر أنه خلق للعبادة والابتلاء ، وأنهُ يموت ويرجع إلى ربهِ بالجزاء ، ويتذكر ما فيه من النعيم ، فيجده أضعاف ما أصابه فيرضى ويستسلم . روى مسلم عن أم سلمة قالت " سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول " ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول إنَّا لله وإنَّا إليهِ راجعون اللهم أجرنى فى مصيبتى واخلف لى خيراً منها إلا أجاره الله فى مصيبته وأخلف له خيراً منها " وذكر بعض العلماء أن الله سبحانه وتعالى جعل إنا لله وإنا إليه راجعون ملجأ لذوى المصائب لجمعها المعانى المباركة من التوحيد والإقرار بالعبودية والبعث واليقين ، بأن رجوع الأمر إليهِ كما هو لهُ . وعنه ، صلى الله عليه وسلم " من استرجع عند المصيبة جبر الله مصيبتهُ ، وأحسن عقباه ، وجعل له خلفاً صالحاً يرضاه " . وعنه صلى الله عليه وسلم " إذا أصابت أحدكم مصيبة فليذكر مصيبته بى فإنها أعظم المصائب " رواه عطاء ، وروى الحسن أن رسول الله صلى الله عليهِ وسلم قال " الصبر عند الصدمة الأولى والعبرة لا يملكها أحد ، صبابة المرء إلى أخيهِ " وروى البخارى عن أبى هريرة عنه صلى الله عليه وسلم " من يرد الله به خيراً يصب منهُ أن يبتليه فيثبه " وعن أبى سعيد ، عن أبى هريرة عنه صلى الله عليهِ وسلم " ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاك بها إلا كفّر الله عليها بها خطاياه " النصب التعب ، والوصب المرض ، وروى البخارى ومسلم ، عن ابن مسعود عنهُ صلى الله عليهِ وسلم " ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به عنه من سيئاته كما تحط الشجرة ورقها " . وروى البخارى ومسلم عن أبى هريرة عنهُ صلى الله عليه وسلم " مثل المؤمن كمثل الزرع لا نزيل الريح تفيئه ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ، ومثل المنافق مثل شجرة الأرزة لا تهتز حتى تستحصد " والأرزة شجرة الصنوبر ، أو الثابتة فى الأرض . وعن أنس أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال " إذا أراد الله بعبد خيراً عجل له العقوبة فى الدنيا ، وإذا أراد بعبد شرا أمسك عنه حتى يواقى يوم القيامة " وعن أنس عن النبى صلى الله عليه وسلم " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وأن الله إذا أحب قوما ابتلاهم ، فمن رضى فله الرضا ، ومن سخط فله السخط " أخرجه الترمذى ، أى من رضى من جملة الناس المصابين ، ومن سخط منهم ، وأما قوم أحبهم فلا يكون منهم السخط ، وإن كان تاب . وروى الترمذى أيضاً عن جابر بن عبدالله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت فى الدنيا بالمقاريض " . وروى الترمذى أيضا عن أبى هريرة عنه صلى الله عليه وسلم " ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة فى نفسه وولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة " وقال حديث صحيح . وروى البخارى عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال الله تعالى ما لعبدى المؤمن عندى جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ، ثم احتسبه إلا الجنة " وروى الترمذى " عن سعد ابن أبى وقاص ، قلت يارسول الله أى الناس أشد بلاء ؟ قال " الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان فى دينه صلبا اشتد بلاؤه ، وإن كان فى دينه رقة هون عليه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشى على الأرض وما عليه خطيئة " وقال حديث حسن . وروى ابن ماجة والبيهقى ، عن عمرو بن حزام ، عن النبى صلى الله عليه وسلم " ما من مؤمن يعزى أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حُلل الكرامة يوم القيامة " وروى الترمذى والبيهقى ، عن ابن مسعود رضى الله عنه ، عن النبى صلى الله عليه وسلم " من عزى مصابا فله مثل أجره " وإسناده ضعيف ، وروى الترمذى ، عن أبى هريرة عنه ، صلى الله عليه وسلم " من عزّى ثكلى كسى برداً فى الجنة " قال ليس سنده قويا .