Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 203-203)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ واذكُروا اللّهَ } كان ابن مسعود ، رضى الله عنه ، يقول فى الأيام المعدودات الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد كثيراً ، وكذا روى عن على ابن أبى طالب ، وذكر سعيد بن جبير عن ثقة عنده عن الحسن البصرى الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ، يسكت بين بين كل تكبيرتين ، وقال مالك يكبر أثر كل صلاة ثلاث تكبيرات ، وعن سعيد بن جبير والحسن وأهل المدينة والشافعى يكبر ثلاثاً ثلاثاً ، الله أكبر الله أكبر ، قال الشافعى وما زاد من ذكر فحسن ، وفى رواية عن ابن مسعود أنه يكبر اثنتين اثنتين الله أكبر الله أكبر ، وهو قول الكوفيين والبصريين ، وذلك زيادة على التكبير عند رمى الجمار ، والمراد فى الآية التكبير عند رميها وعند غيرها ، والذكر يشمل كل ذكر ، ولكن سن التكبير عند الرمى ، وروى مسلم عن قبيص الهذلى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله " ، وروى البخارى عن عمر أنه كان يكبر بمنى تلك الأيام ، وخلف الصلوات وعلى فراشه ، وفى مجلسه وفى ممشاه فى تلك الأيام جميعاً ، وأخرج البخارى عن عمر بلا سند أنه كان يكبر فى قبته فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ، ويكبر أهل الأسواق حتى ترج منى ، وفى رواية كان يكبر فى فسطاطه بمنى فيكبر من حوله حتى يكبر الناس فى الطريق ، وفى الطواف وأجمعوا على أن التكبير مشروع فى إدبار الصلوات ، وعند الرمى ، وعند الذبح ، وسائر الأوقات فى الأيام المعدودات كما قال الله جل وعلا { فى أيَّامٍ معْدوداتٍ } وصفت بأنها معدودة تقليلا لها ، وهن أيام التشريق ، وهى ثلاثة أيام بعد عيد الأضحى الحادى عشر من ذى الحجة ، والثانى عشر والثالث عشر ، وتسمى أيام منى وأيام رمى الجمار ، إلا أن جمرة العقبة ترمى أيضاً فى يوم النحر وذلك والصحيح ، وبه قال ابن عمر وابن عباس والحسن البصرى ، هو رجل استوثق جابر بن زيد رحمه الله بروايته ، وعطاء وقتادة ومجاهد ، وهو رجل استوثقته امرأة جابر بن زيد ، واستفتته ، وهو قول الشافعى ، وقال على بن أبى طالب وابن عمر فى رواية عنه ، وأبو حنيفة الأيام المعدودات يوم النحر ويومان بعده ، ويفتتح التبكبير من صلاة فجر الحادى عشر من ذى الحجة إلى صلاة العصر من الثالث عشر أو بعدها إلى المغرب ، هذا هو الصحيح عند قوم ، وهو فى ثلاث عشرة صلاة ، وبه قال الشافعى وأبو يوسف ومحمد ، وهو مروى عن على ومكحول ، وقال أحمد بن حنبل إذا كان حلالا كبر عند ثلاث وعشرين صلاة أولها الصبح من يوم عرفة ، وآخرها صلاة العصر من آخر أيام التشريق ، وإن كان محرماً كبر عقب سبع عشرة صلاة ، أولها الظهر من يوم النحر ، وآخرها عصر آخر أيام التشريق ، وقيل يبتدأ به من صلاة المغرب ليلة النحر ، ويختم بصلاة الصبح من آخر أيام التشريق ، فيكون التكبير عقب ثمانى عشرة صلاة ، وهو مروى عن الشافعى أيضاً ، وقيل يبتدأ من صلاة ظهر النحر إلى صلاة الصبح ، من آخر أيام التشريق ، وذلك خمس عشرة صلاة ، وهو مروى أيضاً عن الشافعى ومالك ، وهو أصح أقوال الشافعى ، قال لأن الناس فيه تبع للحاج ، وذكر الحاج قبل هذا وهو التلبية وهو مروى أيضاً عن ابن عباس وابن عمر ، وذلك الخلاف فى تشريع التكبير وراء الصلاة ، وأما سائر الأوقات فهو مشروع فيها حتى تتم الأيام المعدودات بالتكبير ، أو مع غيره ، ويروى عن على أنه كان يكبر بعد صلاة فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق ، ويكبر فى العصر ، ثم يكف ، وروى أن الحسن يكبر من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الظهر من يوم النفر الأول ، وربما قيل إلى العصر . { فَمنْ تَعجَّل فى يَوْميْن } أى استعجل بالنفر من منى فى ثانى يومين بعد يوم النحر بعد رمى الجمار عندنا ، وعند قتادة والشافعى ، وقبل طلوع الفجر وتعجل واستعجل يتعديان بالباء ، فمن تعجل بالنفر وبأنفسهما أى فمن تعجل النفر ، والأول أكثر وهو أنسب بقوله { ومن تأخر } كما أن الأنسب تعدية بالباء لمناسبة لفظ المتأنى فى قوله @ قد يدرك المتأنى بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل @@ ويقال لليوم الأول من اليومين الذين ذكرهما الله عز وجل يوم النفر وهو اليوم الذى بعد يوم النحر متصلا به ، لأن الناس ينفرون بمنى فيه ، ويقال لليوم الذى بعد هذا يوم النفر الأول ، لأن النفر قسمان نفر فى اليوم الذى بعد يوم النفر ونفر فى اليوم الثالث ، ويقال أيضاً لليوم الذى بعد النحر يوم الرءوس ، لأنهم يأكلون فيه رءوس الأضاحى وهى تسمية مكية . { فَلاَ إِثْم عَليْهِ } فى تعجيله ، قالوا وجب المبيت بمنى ليلة يوم النفر يرمى فيه قبل الزوال ، وقيل بعده الجمار ، كل جمرة بسبع حصيات ، وكل رميه بتكبيرة ، وكذا المبيت ليلة يوم النفر الأول ، ليرمى كذلك ، وقد ورد فى الأخبار الصحيحة " أن النبى - صلى الله عليه وسلم - يكبر مع كل حصاة " ، رواه ابن عمر ، وروى جابر بن عبد الله " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمى يوم النحر الجمرة ، ويرمى الجمار يوم التشريق بعد زيلان الشمس ، وكان يرمى بمثل حصى الحذف " ، ومن خواص التكبير وبركاته ما روى ابن السنى بسنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا رأيتم الحريق فكبروا فإن التكبير يطفئه " . { وَمَنْ تَأخَّر } عن النفر فى اليوم الثانى وبات ليلة الثالث ورمى فيه . { فلا إثم عليه } فى تأخره والرمى فيه بعد الزوال ، وقيل قبله ، وقال أبو حنيفة يرمى فى اليومين بعده ، وفى الثالث بعده أو قبله ، واختار بعده ، ومنع الشافعى قبله ، وإن قلت كيف قال { ومن تأخر فلا إثم عليه } مع أنه لا يتوهم متوهم أنه يأثم مع أنه أكمل فى المناسك ؟ قلت كان أهل الجاهلية منهم من يتعجل فى يومين ويخطئ من تأخر ، ومنهم من يتأخر ويخطئ منهم من يتعجل ، فأخبر الله جل وعلا أنه لا إثم على من تعجل ، ولا على من تأخر ، وأنه يجوز التعجل والتأخر ، ويحتمل أن يكون المعنى من تعجل فى يومين رجع مغفوراً له لا ذنب عليه يبقى من ذنوبه ، ومن تأخر فكذلك كما روى عنه صلى الله عليه وسلم " من حج ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " ويحتمل أنه قال { ومن تأخر فلا إثم عليه } ، لأنه قد يتوهم متوهم من قوله فمن تعجل فى يومين فلا إثم عليه أنه من لم يجر على هذه الرخصة يأثم ، فنفى عنه الإثم لمجانسة الأول ، ومعلوم أن العبادة إذا لم تفسد يكون لها ثواب ، فلم يكن إشكال ، فإن نفى بقوله { ومن تأخر فلا إثم عليه } ، ويجوز أن يكون المعنى ومن تأخر فله ثواب على تأخره ، ولكن عبر بنفى الإثم فى التأخير مؤذن بصحة التأخر ، فلصحته ثواب ، لأنه عبادة ويحتمل أن يكون كناية عن تجويز الأمرين ، فإن الحرام هو ما فيه الإثم لا ما لا إثم فيه ، وعن ابن عمر أن عمر بن الخطاب كان يقول من أدركه الليل من اليوم الثالث فلا ينفر حتى يرمى الجمار اليوم الثالث . وعن الحسن من أدركته صلاة العصر فلا ينفر إلى اليوم الثالث . ومذهب الشافعى أنه يجوز له النفر بعد الزوال قبل الغروب من اليوم الثانى ، وإن غربت عليه الشمس وهو بمنى لزمته المبيت بها لرمى الجمار ، ونسب لأكثر الفقهاء ، وقال أبو حنيفة يجوز له أن ينفر ما لم يطلع الفجر ، لأنه لم يدخل وقت الرمى بعد ، ورخص للرعاة وأهل سقاية الحج ترك المبيت بمنى ليالى منى ، وأهل مكة كغيرهم فى التعجل والتأخر على الأصح ، وقيل يجب عليهم التأخر . { لِمَنِ اتَّقَى } خبر لمحذوف ، أى ذلك المذكور من الأحكام كلها أو من جواز التعجل والتأخر لمن اتقى الله فى أمره ونهيه ، لأنه الحاج على الحقيقة المنتفع بحجته ، أو ذلك لأجل المتقى وهو المتحرز المتحفظ عن كل ما يبطل عمله أو يضعف ثوابه ، فلا يغتم بالوسواس ، فإن واحداً من التعجل والتأخر مؤثم له ، ويجوز أن يكون مفعولا لمحذوف ، أى أخاطب بذلك من اتقى خطابا ، فتاب خطابا عن خطاب ، فقوى العامل باللام لضعفه بالحذف ، أو لكونه مصدراً إن قلنا العامل خطاب ، ثم حذف خطاب ، وقيل التقدير ذلك المذكور من نفى الإثم ، ثابت لمن اتقى فى حجه ما نهى عنه ومن قتل صيد وإلقاء تفث وغير ذلك ، أو ثابت لمن اتقى المعاصى وتحرر عنها ، وأشفق منها فيما بقى من عمره ، ولو وقع فيها أقلع وأشفق وأخذ حذره فإنه المنتفع بحجه ، وكم من أمر عام خص به أحد بأنه المنتفع به ، فإن الإثم بالتعجل والتأخر منتف عن كل أحد ، ويجور أن يقدر ذلك مفعول لمن اتقى أى فى من اتقى المعاصى ، أو ما نهى عنهُ فى الحج أو مفعول له خطاب له أو لأجله ، أو خاطبت به من اتقى خطاب . { وَاتَّقُوا اللّهَ } بعد الحج بأداء الواجبات وترك المحظورات ليعبأ بكم الله . { واعْلَمُوا أنكُم إليْهِ تُحْشَرُون } تجمعون إليه لا إلى غيره بالبعث للجزاء ، وفيه الحث على التقوى ، ولينتفعوا بجحهم وأعمالهم .