Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 205-205)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وإِذَا تَولَّى } انصرف عنك بعد إظهار المحبة وإلإنة القول ، أو صار والياً لغلبته . { سَعَى فى الأرضِ } مشى فيها مشياً فيه بعض سرعة خفيفاً ، أو ذلك عبارة عن الاجتهاد والتشمير فيما يذكره من الإفساد والإهلاك . { لِيُفسِدَ فِيها } بقطع الأرحام وسفك دماء المسلمين ، وأكل الأموال بالباطل ، وتزيين الشرك وغير ذلك من المعاصى ، قال ابن جريح يدير الدوائر على الإسلام ، وقال ابن عباس يقطع الطريق ويفسدها ، وإذا صار والياً ، أى مستولياً بالغلبة فعل ما تفعله أولياء السوء . { ويُهلكَ الحَرْثَ والنَّسل } الحيوان لأنها منسولة ، أى مولودة ، ولو كانت كباراً كما مر أنه مر بقول من المسلمين ، فأحرق لهم زرعاً ، وقيل حمرا . قال ابن جرير الطبرى المراد الأخنس فى إحراقه الزرع وقتله الحمر ، وذكر أنه خرج إلى الطائف يطلب ديناً له كان غريم فلم يعطه ، فأحرق له حرثاً وعقر له أتناً وهى إناث الحمر ، وذكر أنه كان بينه وبين ثقيف خصومة فيتهم ليلا فأحرق زروعهم وأهلك مواشيهم ، وبينه وبينهم رحم . ويجمع بين ذلك كله بما هو قول واحد ، وهو أن الإهلاك كان ليلا ، وأن صاحب الحرث والنسل كان مسلماً ثقيفياً رحما للأخنس غريماً له ، وأن النسل إناث الحمر ، وسأل رجل من بنى تميم ابن عباس عن قوله عز وجل { ويهلك الحرث والنسل } ، قال نسل كل دابة ، ونسل كل حرث ، بأنه يعمل بالظلم ظاهراً ، ولا يمنع منه فيمنع الله سبحانه بشؤم ظلمه القطر ، فيهلك الحرث والنسل ، بمنع القطر ، واستظهر بعض أن يكون إهلاك الحرث والنسل عبارة عن المبالغة فى الإفساد ، وعطف يهلك على يفسد عطف خاص على عام ، وقد تقدم لك قول إن الآية عامة فى كل متصف بالنفاق وتلك الصفات ، والظاهر نزولها بسبب الأخنس خصوصاً ومعناها عام وقرأ يهلك بفتح الياء وضم الكاف ، ورفع الحرث والنسل على الفاعلية ، فالعطف على سعى وكذا يكون العطف على سعى فى قراءة الحسن ، ويهلك بفتح الياء واللام ، وضم الكاف رفع الحرث والنسل لغة من يقول هلك يهلك بفتح اللام فى الماضى والمضارع كأبى يأبى وفى قراءته الأخرى المروية عنه يهلك بالبناء للمفعول والرفع فيه وفى الحرث والنسل . { واللّهُ لا يُحبُّ الفَسَادَ } أى لا يرضاه ولا يبيحه ، قال ابن عباس لا يرضى بالمعاصى فمن فعلها استوجب غضبه ، وحب الله الشئ الرضا به مع الأمر به إن كان مما يتعبد الخلق بالأمر به ، فقد يرضى شيئاً ويأمر به فلا يمتثله المكلف به خلاف إرادته ، فإنها لا تتخلف ، لأن فيها معى القضاء وقد يريد شيئاً ولا يحبه ، فإن المعصية من العاصى قد أرادها بمعنى قضاها عليه وخلقها ولا يحبها ، بمعنى لا يرضاها ولا يبيحها كالإنسان يريد الدواء ولا يحبه ممدوح من جميع جهاته معظم ، ولا يستلزم الإرادة ذلك وإن شئت فقل محبة الله الشئ مدحه وتعظيمه فلا دليل للمعتزلة فى الآية على قولهم الحب والإرادة بمعنى واحد ، ولو استدلوا بها ونسب قولهم إلى المتكلمين أيضاً ، ولا يصح تفسير الحب فى الآية بالإرادة ، لأن الفساد واقع وما أراد الله عام وقوعه لا يقع إلا أن يقال المعنى لا يريده من أهل الصلاح أو لا يريده ديناً .