Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 80-80)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاّ أَيّاماً مَعْدُودَةً } روى " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لليهود من أبوكم ؟ قالوا فلان ، قال كذبتم أبوكم فلان ، قالوا صدقت وبررت . قال من أهل النار ؟ قالوا نكون فيها مدة ثم تخلفوننا فيها ، قال كذبتم اخسئوا فيها فوالله لا نخلفكم فيها أبداً " . وفى الحديث زيادة من أوله نسبتها ويأتى إن شاء الله تاماً فى موضع . قال ابن زيد وغيره " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لليهود من أهل النار ؟ فقالوا نحن ثم تخلفوننا فيها أنتم . فقال لهم كذبتم لقد علمتم أنا لا نخلفكم " . فنزلت الآية ، ونزل فى النبى صلى الله عليه وسلم ومن تبعه { والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون } والأيام المعدودة أيام الأسبوع سبعة أيام ، وعن ابن عباس رضى الله عنهما قالت اليهود مدة الدنيا سبعة آلاف سنة ، وإنا نعذب بكل ألف سنة يوماً ، ثم ينقطع عنا العذاب بعد سبعة أيام . وكذا قال مجاهد . وقيل قالوا نمكث فى النار أربعين يوماً مقدار الأيام التى عبدوا فيها العجل ، وقيل زعموا أن الله عز وجل عتب عليهم فى أمر فأقسم ليعذبنا أربعين يوماً تحله القسم ، ويمكن الجمع بين ذلك الأمر الذى عتب عليهم فيهِ هو عبادة العجل ، ثم رأيت الشيخ هوداً رحمه الله ذكر ما يدل له والحمد لله إذ قال قال بعض المفسرين ، قالت اليهود لن يدخلنا الله النار إلا تحلة القسم عدد الأيام التى عبدوا فيها العجل ، فإذا انقضت تلك الأيام انقطع عنا العذاب والشر ، ويمكن الجمع بين قول السبعة وقول الأربعين ، بأن بعض اليهود قال سبعة ، وبعضاً قال أربعين ، كما أشار إليه القاضى . قال الكلبى فإذا دخلوا النار لبثوا فيها لكل يوم من الأربعين التى زعموا سنة ، فتلك أربعون سنة ، ثم يقال لهم يا أعداء الله هذه الأيام قد مضت والأجل الذى قلتم وبقى الأبد لا تخرجون منها أبداً ، فعند ذلك انقطع الرجاء وأيقنوا بالخلود فى النار ، ومعنى { لن تمسنا } لن تصيبنا ، ومعنى المس اتصال الشئ بالشئ بحيث لا يبقى شئ من الهواء بينهما ، وهدا على عمومه ، وإن قيل يختص بأن يكون من الحيوان إلى آخر أو إلى غيره فيقال إيصال الحيوان جسمه بشئ سواء تأثرت الحاسة به أم لم تتأثر مثل المس بالشعر ، فإن الشعر لا يدرك الحس ، واللمس يطلق كالمس ، ويطلق بمعنى طلب المس ، يقال لمسه والتمسه فلم يجده أو فوجده أى طلبه فوجده ، وأشاروا ، بكون الأيام معددة إلى قلتها كما يشار إلى الكثرة بقولك لا يحصى ، ولو أمكن إحصاؤه وإنما نعت أياماً بمفرد مؤنث لأنها فى معنى الجماعة ، وذكر الرضى أن جمع القلة بمنزلة المفرد وأيام بوزن أفعال جمع قلة ، ولذا وصف هنا بالمفرد ، ووصف به المفرد فى قوله { من نطفة أمشاج } ويأتى كلام فيه إن شاء الله تعالى . { قُلْ أَتَّخَذْتُمْ } بإثبات الهمزة مفتوحة سواء نقلت حركتها بعد اللام كما هو قراءة ورش فتحذف أم لا ، وذلك لأنها همزة استفهام ، وأما همزة الوصل فمحذوفة من الخط كما حذفت من الكلام ، وهذا الاستفهام إنكارى فتكون بمنزلة النفى وأم منقطعة بمنزلة بل ، والهمزة أو بل تقريرى فتكون أم متصلة ، وأظهر ابن كثير وحفص الذال ولم يدغمها فى التاء ، قال أبو عمرو الدانى أظهر ابن كثير وحفص أتخذتم وأخذت وأتخذت وما كان مثله من لفظه ، وأدغم ذلك الباقون ، وأظهر ابن كثير وورش وهشام يلهث ذلك ، واختلف عن قالون وأدغم ذلك الباقون ، وأدغم أبو عمرو بن العلاء الراء الساكنة فى اللام نحو قوله عز وجل { نغفر لكم خطاياكم } { واصبر لحكم ربك } وشبهه ، بخلاف بين أهل العراق عنه فى ذلك . قال أبو عمرو الدانى وحدثنا محمد بن أحمد على قال حدثنا ابن مجاهد عن أصحابه عن اليزيدى عن أبى عمرو بالإدغام ولم يذكر خلافاً ولا اختياراً ، وأظهرها الباقون ، وأظهر ورش وابن عامر وحمزة { با بنى اركب معنا } واختلف عن قالون وعن البزى وعن خلاد ، وأظهر ورش { ويعذب من يشاء } فى البقرة ، واختلف فيه عن قنبل والبرى ، وأدغم ذلك الباقون وأجمعوا على إدغام النون الساكنة والتنوين فى الراء واللام بغير غنه ، وأجمعوا على إدغمها فى الميم والنون بغنة ، واختلفوا عند الواو والياء فقرأ خلف بإدغامها فيهما بغير غنة نحو قوله عز وجل { ومن يقل } ، { ويومئذ يصدعون } ، { ومن وال } ، و { يومئذ واهية } ، والباقون يدغمونها فيهما ويبقون الغنة فيمتنع القلب الصحيح مع ذلك ، واجتمعوا على إظهارهما عند حروف الحلق إلا ما كان من مذهب ورش عند الهمزة مع إلقاء حركة الهمزة عليها ، وكذا أجمعوا على قلبهما ميماً عند الباء خاصة وعلى إخفائها عند باقى حروف المعجم والإخفاء حال بين حالين الإظهار والإدغام وهوعار من التشديد ، والمشهور عن ورش أنه لا يدغم التنوين فى الياء والواو ، واختلفوا فى الذال من إذ عند ستة أحرف عند الجيم والزاى والسين والصاد والتاء والدال نحو قوله عز وجل { وإذ جعلنا } { وإذ زين لهم } { وإذ سمعتموه } ، { وإذ صرفنا } ، { وإذ تبرأ } ، { وإذ دخلوا } ، فكان الحرميان وعاصم يظهرون الذال عند ذلك كله ، وأدغم ابن ذكوان فى الدال وحدها ، وأدغم خلف فى الدال والتاء ، وأظهر خلاد والكسائى عند الجيم فقط ، وأدغم أبو عمرو وهشام الذال فى الستة . واختلفوا فى الدال من قد عند ثمانية أحرف عند الجيم والسين والشين والصاد والزاى والذال والضاد والطاء نحو قوله عز وجل { لقد جاءكم } ، { وقد سمع الله } ، { وقد شغفها حباً } ، { ولقد صرفنا } ، { ولقد ذرأنا } ، { ولقد زينا } ، و { فقد ضل } ، و { فقد ظلم } . فكان ابن كثير وقالون وعاصم يظهرون الدال عند ذلك كله ، وأدغم ورش فى الضاد والظاء فقط ، وإدغام ابن ذكوان فى الزاى والذال والظاء والضاد فى الأربعة لا غيره ، وروى النقاش عن الأخفش الإظهار عند الزاى ، وأظهر هشام { لقد ظلمك } فى سورة ص فقط ، وأدغم الباقون الدال فى الثمانية . واختلفوا فى تاء التأنيث المتصلة بالفعل عند ستة أحرف عند الجيم والسين والصاد والزاى والتاء والطاء نحو قوله تعالى { نضجت جلودهم } و { كذبت ثمود } و { أنزلت سورة } و { حصرت صدورهم } و { خبت زدناهم } . و { كانت ظالمة } فأظهر ابن كثير وقالون وعاصم التاء عند ذلك كله ، وأدغم ورش فى الظاء فقط ، وأظهر ابن عامر عند الجيم والسين والزاى ، واختلف ابن ذكوان وهاشم فى قوله { لهدمت صوامع } فأدغم ابن ذكوان وأظهر هاشم وأدغم الباقون التاء فى الستة . واختلفوا فى لام هل وبل عند ثمانية أحرف عند التاء والثاء والسين والزاى والطاء والظاء والضاد والنون نحو قوله تعالى { هل تعلم } و { هل ثوب } و { بل سولت } و { بل زين } . و { بل طمع } و { بل ضلوا } و { بل ظننتم } و { هل ندلكم } و { هل ننبئكم } و { هل نحن } فأدغم الكسائى اللام فى الثمانية ، وأدغم حمزة فى التاء والثاء والسين فقط ، واختلف عن خلاد عند الطاء فى قوله تعالى { بل طبع } قال أبو عمرو الدانى فقرأته بالوجهين وبالإدغام أخذ له وأظهر هشام عند النون والضاد وعند الياء فى قوله فى الرعد { أم هل يستوى } لا غير ، وأدغم أبو عمرو { هل ترى من فطور } و { فهل ترى لهم } فى الملك والحاقة لا غير ، وأظهر الباقون اللام عند الثمانية ، وأدغم أبو عمرو وخلاد والكسائى الياء فى الفاء حيث وقع نحو قوله تعالى { أو يغلب فسوف } و { من لم يتب فأولئك } وخير خلاد فى { ومن لم يتب فأولئك } وأظهر ذلك الباقون وأدغم الكسائى الفاء فى الباء فى قوله تعالى { إن نشأ نخسف بهم الأرض } فى سبأ ، وأظهر الباقون ذلك ، وأدغم أبو الحارث اللام من قوله تعالى { ومن يفعل ذلك } وأظهرها الباقون ، وأظهر الحرميان وعاصم ليثبت ولبثتم { ومن يرد ثواب } حيث وقع وأدغم ذلك الباقون ، وأدغم هشام وأبو عمرو وحمزة والكسائى { أو ورثتموها فى المكانين } ، وأظهر ذلك الباقون . وأدغم أبو عمرو وحمزة والكسائى { فنبذتها } ، و { إنى عذت بربى } ، وأظهر ذلك الباقون . { عِنْدَ اللهِ عَهْداً } ميثاقاً منه أنهُ لا تمسكم النار إلا أياماً معدودة ، ويجوز تفسير العهد بالخبر أو بالوعد أو علماً ، وأصله العلم بالشئ بين عالمين به فصاعداً ، والعلم بالشئ مطلقاً وذلك موجود فيما يستوثق به . { فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ } الفاء عاطفة على ما بعد همزة الاستفهام ، فالاستفهام متسلط على هذه الجملة على طريق التفريع لا على الاستقلال ، كأنه تعالى استفهم على مجموع الاتخاذ وعدم الحلف ، هل هو موجود ؟ وقد علمت أنه استفهام إنكار أو تقرير ، ومثل ذلك فى انسحاب الاستفهام على الجملة المعطوفة ، قولك هل شربت لبناً ؟ فلن يسهر ولا فرق من جهة المعنى بين هذه الفاء وفاء جواب الاستفهام المنصوب ، فلسنا نحتاج إلى جعل ذلك جواب شرط محذوف كما قيل إن التقدير إن اتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده ، ولا إلى ما قيل فمن الاستفهام معنى الشرط فأجيب بالفاء والأولى ما قيل إن الجملة معترضة بين { اتخذتم } وقوله { أم تقولون } والآية دلت على أن الحلف فى خبره محال تعالى ، حيث رتب عدم الحلف على أخذ الميثاق منه سبحانهُ ، وكل كلام له يكون ميثاقاً إذا كان إخباراً بما يكون لا بما كان ، إذ لا ضعف فى كلامه مطلقاً . { أمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أى لا اتخاذ بل تقولون أو بل أتقولون أو أقروا بما كندكم من أحد الأمرين باتخاذ العهد ، وقول مالا تعلمون أو أقروا بالحق منهما فإن أحدهما واقع لا محالة .