Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 89-89)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَمّا جاءَهُم كِتابٌ } القرآن . { مِنْ عِنْدِ الله } متعلق بجاءَ أو بمحذوف نعت الكتاب . { مُصَدِّقٌ لِمَّا مَعَهُم } من التوراة . وقيل ما معهم التوراة والإنجيل وذلك أن رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصفته مذكورتان فى التوراة والإنجيل كما ذُكرت رسالته فى القرآن وصفته ، مثل قوله تعالى { إنك لعلى خلق عظيم } وقرئ مصدقاً بالنصب على الحال من كتاب على أن من عند الله نعت لكتاب وسوغ مجئ الحال من النكرة وصفها ولك تعليق من عند الله أيضاً فى هذه القراءة بجاءَ ، والمسوغ الوصف المعنى فإن تنكير كتاب للتعظيم ، ومعناه كتاب عظيم ، ويحتمل أن يكون معنى قوله ما معهم الذى معهم من العلم برسالته وصفته أو الذى معهم من رسالته وصفته وجواب لما محذوف يقدر قبل قوله { وَكانُوا مِنْ قَبْلُ } أى من قبل مجيئه . { يَسْتَفْتِحُون } والدليل عليه جواب لما الثانية فيقدر بلفظه ، أى ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم كفروا به ، ويجوز تقديره بما يناسب جواب الثانية وجوابها أيضاً دليل عليه ، فإن الشئ يدل على مناسبه كما يدل على مماثله ، ويستشعر بذكره أى ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم كذبوا به أو استهانوا به أو ما أشبه ذلك ، ومعنى يستفتحون يستنصرون . قال الله جل وعلا { فعسى الله أن يأتى بالفتح } أى بالنصر ، أى يطلبون من الله الفتح أى النصر بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على مشركى العرب إذ آذوهم ، كما قال الله جل وعلا { عَلَى الّذين كَفَرُوا } أى مشركى العرب يقولون اللهم انصرنا بالنبى المبعوث آخر الزمان الذى نجد صفته فى التوراة ، ويقولون فى ظل بعث نبى نقتلكم معه ، قتل إرم وعاد ، وإذا كذبوهم وآذوهم قالوا قد ظل زمان نبى يخرج بتصديق ما قلنا فنقتلكم معه قتل إرم وعاد ، وقيل يقولون للمشركين إذا قاتلوهم اللهم انصرنا بالنبى المبعوث فى آخر الزمان الذى نجد نعته وصفته فى التوراة ، ويقولون لأعدائهم من المشركين قد أظل زمان نبى يخرج بتصديق ما قلنا فنقتلكم معه ، قتل عاد وأرم ، وقيل كانوا يقولون اللهم ائت بهذا النبى يقتل العرب ويذلهم ، فلما رأوه من غيرهم كفروا به كما ذكره الله ، وقيل إذا غلبتهم الأوس أو الخزرج قالوا لهم لو خرج النبى الذى أظل وقته لقاتلناكم معه واستنصرنا عليكم به . وذكر ابن القطان وهو حسن بن على ابن عبد الملك ، وليس عبدالملك الذى هو سلطان جائر مستعملا للحجاج أن يهود المدينة كانوا يقاتلون العرب ، فكلما التقوا غلبهم العرب فقالوا الهلم إنا نسألك بحق محمد صلى الله عليه وسلم النبى الأمى الذى وعدتنا أن تخرجه لنا فى آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم ، فنصرهم ، فكانوا يقولون وينصرون ، ولما بعثه الله كفروا به . وذكر ابن بكر محمد بن حسين الأحرى عن ابن عباس أن يهود خيبر يقاتلون غطفان ، فكلما التقوا هزمت اليهود فدعوا بهذا الدعاء فنصروا فكانوا يدعون وينصرون ، فلما بعث كفروا به ، وروى أن قريظة والنضير وجميع يهود الحجاز فى ذلك الوقت يستنصرون على سائر العرب بخروج النبى ، صلى الله عليه وسلم وكان اليهود ينتقلون إلى الحجاز ويهاجرون إليه لعلمهم بأنه موضع بعثته صلى الله عليه وسلم ويجوز أن يكون المراد يستفتحون بالكتاب الذى هو القرآن قبل مجيئة ، والاستفتاح به هو الاستفتاح بالنبى ، صلى الله عليه وسلم ، لأنه نزل عليه ويعمل هو بما فيه من جهاد الذين كفروا ، ويجوز أن يكون المعنى الفتح على الذين كفروا فيما أغلق عنهم ، أى تبيينهم للذين كفروا ما لم يعرفوا من كون نبى يبعث من العرب هو آخر الأنبياء مهاجره يثرب ومولده مكة ، وقد قرب زمانه . وعلى هذا الوجه لا تكون السين والتاء فى ذلك للطلب ، بل للتأكيد أى بالغون فى تبين ذلك للعرب ، وفيهما تلويح بأنهم يطلبون أنفسهم أن يبينوا ذلك للعرب ، ومن حرص على أمر طلب وألح فيه ، والشئ بعد طلبه أبلغ منه بدون طلب وأعز ، وفى هذا تجريد بديعى إذ جردوا من أنفسهم أشخاصاً يطلبونها أو بأن بعضاً يطلب بعضاً أن يبين لهم حرصاً على البيان . { فَلمّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا } وهو محمد صلى الله عليه وسلم أو القرآن أو الحق الذى عرفوه وهو صفاته وبعثته ، وأنه من العرب وإنما صدق واحد . { كَفَرُوا بِهِ } حسداً وأنفة أن تخرج النبوة عن بنى إسرائيل ، وخوفاً على زوال جاههم ورئاستهم وما يعطى لهم . { فَلَعْنَةُ الله } إبعاده عن الخير وجزيه . { على الكافرين } أى عليهم ، أعنى على هؤلاء الذين جاءهم ما عرفوا فكفروا ، ووضع الظاهر موضع المضمر ليدل الظاهر وهو لفظ الكافرين على أنهم لعنوا لكفرهم ، لأن تعليق الحكم بالمشتق يؤدن بعليته ، ولو قال فلعنة الله عليهم لم يكن ذلك ، قال للعهد الذكرى ، ويجوز أن يكون المراد كل كافر إياهم وغيرهم على أن أل للجنس الاستغراقى فيفهمون منه فهما أولياً ، لأن الكلام سيق فيهم وقصدوا به قصداً أولياً بالذات وغيرهم ثانياً ، وبالتبع يحتمل وجهاً آخر أدق وهو أن أل للحقيقة لا للإفراد خصوصاً ولا عموماً ، ويكون الكلام حجة ببرهان كأنه قيل من اتصف بكفر فعليه اللعنة .