Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 103-105)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ } يقول بعض لبعض بإسرار لما ملأ صدورهم من الرعب . والخفت ، وهو إخفاء الصوت بينهم { إنْ } أى ما { لَبِثْتُمْ } أقمتم فى الدنيا أو فى القبر { إلاّ عَشْرًا } أى ليالى عشرا بأيامها ، أو أنها فى مقدار عشر ليال بدون أيام . وقيل المراد عشر ساعات . ويجوز أن يراد بالعشر الأيام ، وحذف التاء على هذا الحذف المعدود . ويناسب هذا كل المناسبة ذكر اليوم بعد . وإنما استقصروا مدة لبثهم فى الدنيا لأن الزائل وإن طال قصير بالانتهاء . قال عبد الله بن المعتز تحت قولهم أطال الله بقاءك - كفى بالانتهاء قصرا ، ولاستيطالهم الآخرة ، فإنها أبد سرمد ، يستقصر إليها عمر الدنيا بأجمعه ! فكيف بأيام إنسان ! أو لما يعانون من الشدائد ، على انتفاع قليل فيها التى تذكرهم أيام النعمة ، فيتأسفون عليها ، ويصفونها بالقصر لأن أيام السرور قِصار ، وتذكرهم الغبن الواقع ببيع دائِم بقليل . وقيل المراد اللبث فيما بين النفختين . نفخة الموت ، ونفخة البعث ، فإنهم لا يعذبون فى ذلك الوقت بعد ما كانوا يعذبون فى قبورهم ، على قول صحيح . وذلك مقدار أربعين سنة . واستدل بعضهم على أن المراد اللبث فى القبر ، من حين الموت إلى البعث بقوله تعالى { يوم تقوم الساعة } الآيات . وأشار الله جل وعلا إلى أن قائلى ذلك لم يبلغوا حد التقليل ، وأنها أقل مما قالوا بقوله { نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ } فى مدة اللبث . { إذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ } أعدلهم وأفضلهم { طَرِيقَةً } أى رأيا ، أو عملا { إنْ لَبِثْتُمْ إلاّ يَوْمًا } بليلته أو دونها . وقيل لم يقولوا ذلك استقصارا ، بل نسوا مقدار لبثهم ، لشدة ما دهمهم . ويجوز كون واو يقولون لجملة المجرمين ، أى نحن أعلم بما يقولونه سرا ، فبعض قال لبثنا عشرا ، وبعض قال يوما . وسأل جماعة من المسلمين للنبى صلى الله عليه وسلم عن مآل الجبال يوم القيامة ، فأنزل الله عز وجل { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجِبَالِ } أى عن مآلها . والمضارع بمعنى الماضى ، أو مستقبل فإن القرآن مخلوق قبل ذلك السؤال . { فَقُل يَنْسِفُهَا رَبَّى نَسْفًا } أى يفرقها بالريح . استعمل الخاص فى العام فإن النسف النفخ على الشئ ، أو هبوب الريح قِبَله فيطير ، فاستعمله فى مجرد التفريق حتى يحتاج بعد ذلك إلى البيان بقولك بالريح ، أو أسند النسف إليه مع أنه للريح لأنه أمرها لوقت مخصوص ومالك أمرها ، أو يقدر مضاف ، أى ينسفها أو تنسفها ريح ربى . والريح يذكر ويؤنث ، وإن أنث بالتاء فى أول المضارع مثلا أبدلت بالياء إذا حذف وغاب عنه غير المؤنث . وعن ابن عباس سأل رجل من ثقيف رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تكون الجبال يوم القيامة ؟ فأنزل الله سبحانه الآية . وعليه فإنما عبَّر بالجماعة لأن السائل من جماعة فكأنما سألوه ، والواو للجماعة معتبر فيها الحقيقة لا الأفراد . وعن بعضهم النسف القلع من الأصل . وعن بعضهم يجعلها كالرمل ، ثم يرسل عليها الرياح فتفرقها ، فيصح أن يقول أسند النسف إلى نفسه ، لأن جعلها كالرمل سبب للنسف . وقيل سأله جماعة من المشركين على لسان رجل ، وهم غائبون وحضور . فأمر الواو واضح ، ولا سيما إن سأل كل على حدة .